نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 326
والسؤال الذي تورده المرجئة على ابن مسعود ويقولون: إن يزيد بن عميرة ورده عليه حتى رجع، جعل هذا أن الإنسان يعلم حاله الآن، وما يدري ماذا يموت عليه؛ ولهذا السؤال صار طائفة كثيرة يقولون: المؤمن هو من سبق في علم الله أنه يختم له بالإيمان، والكافر من سبق في علم الله أنه كافر، وأنه لا اعتبار بما كان قبل ذلك، وعلى هذا يجعلون الاستثناء، وهذا أحد قولي الناس من أصحاب أحمد وغيرهم وهو قول أبي الحسن وأصحابه.
ولكن أحمد وغيره من السلف لم يكن هذا مقصودهم، وإنما مقصودهم أن الإيمان المطلق يتضمن فعل المأمورات، فقوله: أنا مؤمن، كقوله: أنا ولي الله، وأنا مؤمن تقي، وأنا من الأبرار، ونحو ذلك. وابن مسعود رضي الله عنه لم يكن يخفى عليه أن الجنة لا تكون إلا لمن مات مؤمنًا، وأن الإنسان لا يعلم على ماذا يموت فإن ابن مسعود أجل قدرًا من هذا، وإنما أراد: سلوه هل هو في الجنة إن مات على هذه الحال؟ كأنه قال: سلوه أيكون من أهل الجنة على هذه الحال؟ فلما قال: الله ورسوله أعلم، قال: أفلا وكلت الأولى كما وكلت الثانية؟ يقول: هذا التوقف يدل على أنك لا تشهد لنفسك بفعل الواجبات وترك المحرمات. فإنه من شهد لنفسه بذلك شهد لنفسه أنه من أهل الجنة إن مات على ذلك؛ ولهذا صار الذين لا يرون الاستثناء لأجل الحال الحاضر، بل للموافاة، لا يقطعون بأن الله يقبل توبة تائب، كما لا يقطعون بأن الله تعالى يعاقب مذنبًا، فإنهم لو قطعوا بقبول توبته، لزمهم أن يقطعوا له بالجنة، وهم لا يقطعون لأحد من أهل القبلة لا بجنة ولا نار، إلا من قطع له النص.
وإذا قيل: الجنة هي لمن أتى بالتوبة النصوح من جميع السيئات. قالوا: ولو مات على هذه التوبة لم يقطع له بالجنة، وهم لا يستثنون في الأحوال، بل يجزمون بأن المؤمن مؤمن تام الإيمان، ولكن عندهم الإيمان عند الله هو ما يوافي به، فمن قطعوا له بأنه مات مؤمنًا لا ذنب له قطعوا له بالجنة، فلهذا لا يقطعون بقبول التوبة لئلا يلزمهم أن يقطعوا بالجنة، وأما أئمة السلف فإنما لم يقطعوا
نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 326