على منع الشك في الإيمان، لا على منع الاستثناء الذي يقول به أهل السنة خوفَ التزكية بدون علم مع عدم "الشك" في الإيمان. وهذا الحديث لا ينافي الاستثناء فضلا عن أن الاستدلال بهذا الحديث باطل.
وأما حديث علي فأخرجه غنجار في تاريخ بخارى، كما في حاشية ابن قطلوبغا على المسايرة [1]، ولم يذكر إسناده حتى ينظر فيه، وحسبه أنه غير صحيح؛ لأنه يستبعد أن يكون هناك حديث مرفوع إسناده صحيح وتهمله جميع دواوين السنة ليحفظه لنا غنجار في تاريخ بخاري، ثم إن لفظه أشبه بلفظ الأحاديث الموضوعة البعيدة عن حسن بيانه صلى الله عليه وسلم وفصاحة تعبيره. ثم إن المستدل به لا يقول بمقتضاه وهو وجوب قول العبد: أنا مؤمن حقا بل يكفي عندهم قول: أنا مؤمن.
فواعجبا لأهل الكلام يقولون: إن أخبار الآحاد ظنية فلا يحتجون بها في العقائد، ثم يحتجون بمثل هذا الحديث الذي لا يعرف في كتب السنة المسندة، أليس هذا تناقضا واضحا؟.
وبعد فقد تبين مما تقدم ضعف القول بتحريم الاستثناء في الإيمان، كما هو قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأصحابه. ويقابل هذا القول قول طائفة أوجبت الاستثناء، لأن الإيمان عندهم هو ما يموت عليه صاحبه، والإنسان لا يعلم هل يموت مؤمنا أو كافرا، ولا يعتدون بالإيمان السابق قبل الموافاة [2]. فعلى هذا الاعتبار قالوا بوجوب الاستثناء، ونسبه شيخ الإسلام إلى الكلابية وغيرهم ممن يرون الاستثناء مع القول بعدم تفاضل الإيمان ... قال شيخ الإسلام: "وهذا المأخذ مأخذ كثير من [1] 2/229. [2] مجموع الفتاوى 7/429، 430.