أولا: لا يتصور نقصان الإيمان إلا بزيادة الكفر، ولا يتصور زيادة الإيمان إلا بنقصان الكفر. قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى: "الإيمان لا يزيد ولا ينقص، لأنه لا يتصور نقصانه إلا بزيادة الكفر ولا يتصور زيادته إلا بنقصان الكفر، وكيف يجوز أن يكون الشخص الواحد في حالة واحدة مؤمنا وكافرا" [1].
ثانيا: "أن الناس لا يختلفون في التصديق، ولا يتفاضلون فيه، وقد يتفاضلون في العمل وتختلف فرائضهم، ودين أهل السماء وين الرسل واحد؛ يقول الله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} "سورة الشورى: الآية13"[2].
هذا وقد جاء في الفقه الأكبر قول الإمام أبي حنيفة: "وإيمان أهل السماء والأرض لا يزيد ولا ينقص من جهة المؤمَن به، ويزيد وينقص من جهة اليقين والتصديق، والمؤمنون مستوون في الإيمان والتوحيد، ومتفاضلون في الأعمال" [3].
وهذا النص فيه إشكال؛ وهو أنه مخالف للمتقدم من قول أبي حنيفة: الإيمان لا يزيد ولا ينقص مع تفسير الإمام للإيمان بالتصديق والإقرار، ولما ثبت عن أبي حنيفة في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة على مذهب أبي حنيفة وصاحبيه وقد تقدم.
وهذا صريح في أن الإيمان وهو التصديق عنده لا تفاضل فيه بين [1] كتاب الوصية ص3. [2] رسالة أبي حنيفة لعثمان البتي ص35. [3] الفقه الأكبر ص304.