"فمعنى قوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} : على ما تظاهرت به الرواية من أنه الصلاة وما كان الله ليضيع تصديق رسوله عليه الصلاة والسلام بصلاتكم التي صليتموها نحو بيت المقدس عن أمره، لأن ذلك كان منكم تصديقا لرسوله" [1].
وقال الحليمي: "أجمع المفسرون على أنه أراد صلاتكم إلى بيت المقدس، فثبت أن الصلاة إيمان. وإذا ثبت ذلك فكل طاعة إيمان إذ لم أعلم فارقا فرّق في هذه التسمية بين الصلاة وسائر الطاعات" [2].
وقد أورد أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه "الإيمان" قوله تعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} "سورة العنكبوت: الآيات من [1]-3".
وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّه} "سورة العنكبوت: الآية10".
أوردها مستدلا بها على أن العمل من الإيمان ثم قال: "أفلست تراه تبارك وتعالى قد امتحن صدق القول بالفعل، ولم يكتف منهم بالإقرار دون العمل، حتى جعل أحدهم من الآخر؟ فأي شيء يُتَّبع بعد كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهاج السلف بعده هم موضوع القدوة والإمامة"[3].
وأما الأدلة من السنة فكثيرة جدا:
من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لوفد عبد القيس: "أتدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: [1] جامع البيان 2/18. [2] كتاب المنهاج في شعب الإيمان "3791". [3] كتاب الإيمان ومعالمه وسننه للقاسم بن سلام ص66.