لأنه التزم شرائع الإيمان وعزم على العمل بالأركان فهذا العزم يعتبر في حقه كأنه عمل بالأركان، غير أنه لم يجد فرصة. فمثل هذا كيف يكون حجة بأن الإيمان هو التصديق فقط وهذا ظاهر لمن وفقه الله للهداية.
الدليل الرابع:
قول بعضهم: "إن الله خاطب المؤمنين باسم الإيمان، ثم أوجب عليهم الأعمال". أجاب عن هذا الإشكال شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: "وبهذا يظهر الجواب عن قولهم: "خوطبوا بالإيمان قبل الأعمال". فنقول: إن قلتم: إنهم خوطبوا قبل أن تجب تلك الأعمال فقبل وجوبها لم تكن من الإيمان، وكانوا مؤمنين الإيمان الواجب عليهم قبل أن يفرض عليهم ما خوطبوا بفرضه، فلما نزل إن لم يقروا بوجوبه لم يكونوا مؤمنين ولهذا قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} "سورة آل عمران: الآية97".
ولهذا لم يجئ ذكر الحج في أكثر الأحاديث التي فيها ذكر الإسلام والإيمان ... وذلك لأن الحج آخر ما فرض من الخمس، فكان قبل فرضه لا يدخل في الإيمان والإسلام، فلما فرض أدخله النبي صلى الله عليه وسلم في الإيمان إذا أفرد، وأدخله في الإسلام إذا قرن بالإيمان وإذا أفرد ... "[1].
الدليل الخامس:
قولهم: إن الله تعالى قال في الكفرة: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} "سورة الأنفال: الآية38".
والانتهاء عن الكفر يكون بالإيمان ولو كانت الأعمال كلها إيمانا [1] كتاب الإيمان ط المكتب الإسلامي ص185-186 ط/ الثالثة وضمن مجموع الفتاوى 7/196-197.