ما قالوا: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} "سورة التوبة: الآية30".
فقضى الله على نفسه أن يشتم وأن تضاف إليه الصاحبة والولد؟.
فقال أبو حنيفة: إن الله لا يقضي على نفسه إنما يقضي على الله عباده، ولو كان يقضي على نفسه لجرت عليه القدرة.
قالوا: فأخبرنا عن الله عزَّ وجلَّ إذا أراد من عبده أن يكفر أحسن إليه أم أساء؟ قال: لا يقال أساء ولا ظلم إلا لمن خالف ما أمر به، والله قد جلّ عن ذلك، وقد عرف عباده ما أراد منهم من الإيمان به، فقالوا: يا أبا حنيفة أمؤمن أنت؟ فقال: نعم، قالوا: أفأنت عند الله مؤمن؟ قال: تسألوني عن علمي وعزيمتي أو عن علم الله وعزيمته؟ قالوا: بل نسألك عن علمك، ولا نسألك عن علم الله، قال: فإن بعملي أعلم أني مؤمن ولا أعزم على الله عزَّ وجلَّ في علمه، فقالوا: يا أبا حنيفة: ما تقول فيمن جحد حرفا من كتاب الله؟ قال: كافر لأن الله عزَّ وجلَّ قال مهددا لهم وموعدا: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} "سورة الكهف: الآية29".
قالوا: فإن كان هذا من باب الوعيد وقال إني لا أؤمن ولا أكفر. قال: فقد خصمتم أنفسكم، ألا ترون أني إن لم أؤمن فأنا مجبور في إرادة الله عزَّ وجلَّ على الكفر، وإن لم أكفر فأنا مجبور في إرادة الله عزَّ وجلَّ على الإيمان قالوا: يا أبا حنيفة حتى متى تضل الناس؟ قال: ويحكم إنما يضل الناس من يستطيع أن يهديهم والله يضل من يشاء ويهدي من يشاء" [1]. [1] الانتقاء ص164، 165.