responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 54
وخرج من بيته يوماً إلى منية الوزير الأجل أبي بكر ابن عبد العزيز وهي من أبدع منازل الدنيا وقدمت عليها أرواحها الأفيا وأهدت إليها أزهارها العرف والرياء والنهر قد غص بمائه والروض قد خص مثل أنجم سمائه، وكانت لبني عبد العزيز فيها أطراب، تهيأ لهم فيها من الأيام آراب، فلبسوا فيها الأشر حتى أبلوه، ونشروا فيها الأنس وطووه، أيام كانوا بذلك الأفق طلوعاً، لم تضم عليهم النوب ضلوعاً، فقعد أبو عبد الله مع لمة من الأدباء تحت دوحة من أدواحها، فهبت ريح أنس من أرواحها، سطت بإعصارها، وأسقطت لؤلؤها على باسم أزهارها، فقال:
ودوحة قد علت سماءً ... تطلع أزهارها نجوماً
هفا نسيم الصبا عليها ... فأرسلت فوقنا رجوما
كأنما الجو غار لما ... بدت فأغرى بها النسيما وكان في زمان عطلته، ووقت اصفراره وعلته، ومقاساته من العيش أنكده، ومن التخوف أجهده، كثيراً ما ينشرح بجزيرة شقر ويستريح، ويستطيب تلك الريح، ويجول في أجارع واديها، وينتقل من نواديها إلى بواديها، فإنها صحيحة الهواء، قليلة الأدواء، خضلة العشب والأزاهر [1] ، قد أحاط بها نهرها كما تحيط بالمعاصم الأساور، والأيك قد نشرت ذوائبها على صفيحه، والروض قد عطر جوانبه [2] بريحه، وأبو اسحاق ابن خفاجة هو كان منزع نفسه، ومصرع أنسه، نفح له بالمنى عبق وشذا، ومسح عن عيون مسراته القذى، وغدا على ما كان وراح، وجرى متهافتاً في ميدان ذلك المراح، قريب عهد بالفطام، ودهره ينقاد في خطام، فلما اشتعل رأسه شيباً، وزرت عليه الكهولة جيباً، أقصر عن تلك الهنات، واستيقظ من تلك السنات، وشب

[1] المطمح: زاهية الأزاهر.
[2] المطمح: جوانبها.
نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست