responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نضرة الإغريض في نصرة القريض نویسنده : العلوي الحسيني، المظفر بن الفضل    جلد : 1  صفحه : 71
فاعرفْ أيّها الذامُّ ذلك، وإياكَ أن تتعرَّضَ لذمِّ فضيلةٍ جليلةٍ قد مُدِحَتْ على لسانِ سيّدِ البَشَر، وأشرَفِ مُضَرَ، أو تنالَ من أديبٍ ذي خصيصةٍ لا تُرتَقى درَجَتُها ولا تُتقَى فِراسَتُها، فكم من رفيعٍ اتّضعَ، وعزيزٍ ذَلّ وخضَعَ، بتعدِّيه على الأدباءِ وتنقُّصِهِ منازلَ الفُضَلاء، ومن بُنيانٍ انهدم، وسُلطانٍ عُدِمَ، وقِرانٍ عبَرَ، وشَرْعٍ نُسِخَ، وعَقْدٍ مُحْكَم فُسِخَ، ومعالِمُ الشِّعرِ قائمةٌ لا تُلوى، وأعلامُه منشورةٌ لا تُطوى، ورياضُهُ مونِقَةٌ غيرُ خاويةٍ، وأغصانُه مورِقةٌ غيرُ ذاويةٍ، يُحلِّمُ السفيهَ، ويُجمِلُ النبيهَ، ويُريقُ الدماءَ ويحقُنُها، ويذيلُ الأعراضَ ويحصِّنُها، يقرِّبُ المآربَ الشاسعةَ ويُنئيها، ويبعدُ المطالبَ الواسعةَ ويدنيها، وينفعُ ويضرُّ، ويسوء ويسرُّ، ويعزِلُ ويولّي، ويُفقِر ويُغني:
فمن ذا رأى في الوَرى خَصْلةً ... تقرِّبُ نأياً وتُنْئِي قريبا
تُميتُ وتُحيي بأقوالِها ... وتُفقِرُ خصماً وتُغني حَبيبا
وأما قولُنا في أول الفصل: وهل تعاطيه أصلَحُ أم رفضُه أوفر وأرجحُ، فالجواب: كيفَ يكون ترْك الفضائلِ خيراً من تعاطيها، واجتنابُ المناقِبِ أصلحَ من مواصلَةِ مَعالِيها، وما علِمْنا أنّ أحداً من البشَرِ استطاعَ نظمَ الشِّعرِ وكان فيه مُجيداً، وتركَ ذلك، ولم يكنْ يشتهرُ به وينتسبُ إليه، إلا أن يكونَ فيه مُقَصّراً، وعن السوابقِ سُكَيتاً آخِراً، فيجوزُ أن يتركَهُ لعجزِه عنه، ونفوذِ جيّدِه منه. كما نُقِلَ عن المأمونِ لمّا قيلَ له: هلاّ نظمتَ شِعراً، فقال: يأْباني جيّدُه وآبى رَديئَه، وله مع هذا أشعارٌ كثيرة مشهورة.
ولو عدّدْنا مَنْ تعاطى نظْمَ الشِّعرِ من الخُلفاءِ، والملوكِ والأمراءِ والوزراءِ، والقُضاةِ والزُهّادِ، والقوادِ والعلماء والأشْرافِ، لأفرَدْنا له كِتاباً يجِلُّ رقمُهُ ويثقُلُ حجمُه. حتى إنّ جماعةً من ملوكِ بني بُوَيْه رَشَوْا جماعةً من الشُّعراءِ حتى نظَموا لهم أشعاراً فنَسبوها الى أنفسهِم، ودوّنوها على ألسنتِهم؛ لِما في ذلك من المنزلةِ الرفيعةِ، والخَلّةِ الجميلةِ، والمَنْقَبَةِ الجليلةِ، والفضيلةِ النبيلة. ولولا ذلك لما تحلّوْا بحُلِيّه ولا تزَيّنوا بجلابيبِه.

نام کتاب : نضرة الإغريض في نصرة القريض نویسنده : العلوي الحسيني، المظفر بن الفضل    جلد : 1  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست