بكسر أوله وفتح الذال المعجمة، وهو الذي استوى أبوه وأمه في الخسة، ويقال للأنثى برذونة، ورمكة بالتحريك، قال ابن حبيب: البرذون عظيم الأعضاء. بخلاف العربي، فإنه أضمر وأرق أعضاء، ويوصف بغلظ الرقبة، وكثرة الجلبة، إن أرسلته، قال: أمسكني، وإن أمسكته، قال: أرسلني، ويكنى بأبي الأخطل، لخطل أذنيه، أي استرهائهما. قال السراج الوراق:
لصاحب الأحباس برذونة ... بعيدة العهد عن القرط
إذا رأت خيلاً على مربط ... تقول سبحانك يا معطي
تمشي إلى خلف إذا ما مشت ... كأنما تكتب بالقبطي
وقال آخر:
نجى علاجاً وبشراً كل سلهبة ... واستلحم الموت أصحاب البراذين
وأول من أنتج البراذين، أحد ملوك الفرس، فإنه أنزى الخيل العربية على البقر لقوته أعضائها، وشدة صبرها فأنتجت البراذين. وأول من أنتج البغال أفريدون من ملوكهم أيضاً. وقال المسعودي: "إن أهالي صعيد مصر مما يلي الحبشة، كانوا يعلون الثيران على الأتن، والحمير على البقر وإن بلاد الزنج بقراً يقاتلون عليها، وتجري كالخيل بسروج ولجم".
الفصل الخامس في فضل الذكر على الأنثى
قال تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل" قال ابن عباس رضي الله عنهما: "القوة: الخيل الذكور، وقوله: من رباط الخيل، أي: الإناث. والذكر أشرف من الأنثى لأنه خلق قبلها فهو أشد حرارة منها، وإن كانا من جنس واحد من مزاج واحد". وقد تعلقت الإرادة الإلهية بتقويم أقواهما حرارة أولاً؛ ولذا خلق آدم عليه السلام قبل حواء، ويقال للذكر: حصان - بكسر المهملة - لأنه حصن ماءه فلم ينز إلا على كريمة. وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "كان السلف يحبون الفحول من الخيل ويقولون إنها أجرى وأقوى من الأنثى لأن المقصد من اقتناء الخيل القتال عليها". قال عمرو بن السليح:
لقيناهم بجمع من علاف ... وبالخيل الصلادمة الذكور
وقال الأعشى:
وأعددت للخيل أوزارها ... رماحاً طوالاً وخيلاً ذكورا
ومنه يعلم أن الذكر في القتال خير من الأنثى؛ لأنه أجرى وأجرأ يقاتل مع صاحبه. قال دكين بن رجا:
أشم خنديد منيف أشعبه ... يقتحم الفارس لولا قبقبه
الخنديد: العتيق، والمنيف: المشرف، والشعب: ما أشرف منه، والقبقب: اللجام، فهو بخلاف الأنثى، فإنها ربما تكون سبب قتل صاحبها، إذا كانت وديقاً، ورأت الفحل ولو من غير نوعها لشدة شبقها.
وعن أبي محيرز رضي الله عنه: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضلون ركوب الفحول في الصفوف وسائر أمور الحرب لإرهاب العدو، ويفضلون الخصيان في الكمين والطلائع لأنها أصبر وأقوى في الجهد، ويفضلون الإناث في الغارات والبيات لعدم صهيلها، ودفعها البول وهي تجري، بخلاف الفحل فإنه يحصر البول حتى يتفقأ".
وللإناث من الخيل فضل على كافة ما يقتنى من المال، ففي الحديث: "خير المال مهرة مأمورة وسكة مأبورة". المأمورة: كثيرة النتاج، والمأبورة: النخلة الملقحة. وفيه أيضاً: "عليكم بإناث الخيل فإن ظهورها عز وبطونها كنز" وقيل لبعض الحكماء: أي المال أشرف قال: فرس - تتبعها فرس وفي بطنها فرس، ويقال للأنثى: حجر - بلا هاء -، لعدم مشاركة الذكر لها فيه.
الباب الثالث في ألوانها وفيه خمسة فصول الفصل الأول في الأشقر
وأنواعه ستة: مذهب وخلوقي ومدمي وأمغر وسلقد وورد، فالأشقر المذهب هو الذي تعلو شقرته صفرة، والخلوقي هو الذي اشتدت شقرته وعلتها صفرة كلون الزعفران، والمدمى هو الذي تعلو شقرته حمرة، لا كالكميت، وأصول شعره كأنها خضبت بالحناء، والأمغر هو الذي ليس بناصع الحمرة ولم تشب شقرته بصفرة. والسلقد هو الصافي الخالص ويسمى قرفي، والورد هو الذي تعلو الحمرة إلى الشقرة الخلوقية، وأصول شعره سود، فإذا كان في ذنب الأشقر بياض يسمونه أشعل، ويتشاءمون منه. قال زيد الخيل في فرسه الورد:
ما زلت أرميهم بشكة فارس ... وبالورد حتى أحرثوه وبلدا
وقال ابن نباتة:
وورد من العرب منسوب ولا قطعت ... أيدي الحوادث من أنسابه شجره
إذا امتطى ظهره، رامي السهام مضى ... والسهم حد، فلولا سبقه عقره
عجبت كيف يسمى سابحاً وله ... وثب لو البحر أرسى دونه ظفره