تقرى صوارمه السّاعات عبط دمٍ ... كأنّما السّاع نزّالٌ وقفّال
العبط والعبيط: الدم الطري واللحم. والساع: جمع ساعة.
يقول: يريق كل ساعة دماً طرياً من أعدائه، ويذبح وينحر للأضياف، فكأنه يقري الساعات بما يريقه من الدماء، وكأنها قوم ينزلون، وقوم يقفلون عنه.
تجري النّفوس حواليه مخلّطةً ... منها عداةٌ وأغنامٌ وآبال
النفوس: الدماء وقد روى ذلك أيضاً.
يقول: إنه يقتل الأعداء وينحر الآبال ويذبح الأغنام، فتختلط الدماء بعضها ببعض.
والتقدير: منها دماء أعداء ومنها دماء أغنام. فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
لا يحرم البعد أهل البعد نائله ... وغير عاجزةٍ عنه الأطيفال
الأطيفال: تصغير أطفال.
يقول: يصل نواله إلى القريب والبعيد، والقوي والضعيف، فلا يحرم البعيد نائله لأجل بعده، والصغير لا يعجز منه لصغر سنه.
أمضى الفريقين في أقرانه ظبةً ... والبيض هاديةٌ والسّمر ضلاّل
يقول: إذا التقى الجيشان، وسقطت الرماح السمر، وآل الأمر إلى السيوف البيض، فهو أمضى الفريقين سيفا في ذلك الوقت.
يريك مخبره أضعاف منظره ... بين الرّجال وفيها الماء والآل
الهاء في فيها للرجال.
يقول: إذا جربته في الحرب رأيت منه أضعاف منظره. وفي الرجال من له حقيقة كالماء، وفيهم من لا حقيقه له كالسراب.
وقد يلقّبه المجنون حاسده ... إذا اختلطن وبعض العقل عقّال
العقال: داء يأخذ الدابة في الرجلين، فيعقلهما عن التصرف. ويجوز تخفيفه. وقوله: إذا اختلطن قيل: أراد به الصفوف فأضمر، وقيل: أراد به خيله وخيل عدوه.
كان فاتك يلقب بالمجنون، فصرح بذكر لقبه ثم تخلص منه أحسن تخلص، حتى فضل الجنون على العقل.
فيقول: إنما جنونه عند اختلاط الصفوف، والعقل في ذلك الوقت عقال على صاحبه، فجنونه: شجاعة وإقدام، لا كما يزعمه الحاسد. فحسن لقبه!
يرمي بها الجيش لا بدٌّ له ولها ... من شقّه ولو أنّ الجيش أجبال
بها أي بالخيل، والهاء في له للمدوح.
يقول: يرمي بخيله جيش العدو، فلا بد له ولخيله من شق الجيش، وإن كان كالجبل شدة وثباتا.
إذا العدى نشبت فيهم مخالبه ... لم يجتمع لهم حلمٌ ورئبال
نشبت: ثبتت. والرئبال: الأسد.
يقول: هو في يوم الحرب أسد، فإذا نشبت مخالب الأسد في فريسة، فلم يكن حينئذ حلم، إذ الحلم لا يوجد مع الأسد.
وهذا تأكيد لتحسين لقبه، وتفضيله على العقل.
يروعهم منه دهرٌ صرفه أبداً ... مجاهرٌ وصروف الدّهر تغتال
يقول: هو على أعدائه كالدهر، يروعهم أبداً بحروبه وغاراته مجاهرة، بخلاف صروف الدهر فإنها تغتالهم ولا تجاهرهم. فضلة على الدهر.
أناله الشّرف الأعلى تقدّمه ... فما الّذي بتوقّي ما أتى نالوا
ما في قوله: فما الذي قيل: للاستفهام على جهة الإنكار، الذي في موضع نصب بنالوا والتوقي: مصدر توقي، وهو مضاف إلى ما الثانية وما في موضع الجر، وتقديره: فأي شيء نالوا بتوقيهم ما أتاه هو؟ يقول: أوصه إلى نيل الشرف الأعلى جرأته، فما الذي نال أعداؤه لما توقوا ما أتاه، وأشفقوا على أنفسهم؟ وقيل: ما الأولى نفي والثانية بمعنى الذي. ويتوقى فعل مضارع انتصب به ما والذي في موضع الذين.
والمعنى: أن تقدمه أناله الشرف الأعلى، فليس الذين يتوقون الشرف الذي أتاه هو، نالوا ما ناله من الشرف. أي إنهم لما جبنوا عن مباشرة الشدائد لم ينالوا ما ناله.
إذا الملوك تحلّت كان حليته ... مهنّدٌ وأصمّ الكعب عسّال
اسم كان مضمر، والجملة في موضع النصب على أنها خبر كان: أي كان هو، أو كان الأمر والشأن حليته مهند، ولو نصبت حليته على الخبر وجعلت مهنداً اسمها كان قبيحاً، لأن الخبر يكون معرفة والاسم نكرة، ومثل هذا قد جاء في الشعر.
يقول إذا تزين الملوك بالحلل وأنواع الحلي فهو يتزين بسيفه ورمحه.
والعسال: الرمح المضطرب.
أبو شجاعٍ أبو الشّجعان قاطبةً ... هولٌ نمته من الهيجاء أهوال
نمته ها هنا أي ولدته، وأصله من الانتماء، وهو الانتساب.
يقول: من حقه أن يكنى أبا الشجعان قاطبة، لا أبا شجاع واحد. وهو هول نمته أهوال من الهيجاء: أي ممارة الخطوب أعلت قدره وصارت نسباً له ينتمي إليه.