يقول: لو كان بيننا بعدٌ غير الهجر، لسرنا إليك ولواصلنا السير حتى تذوب أبداننا وتهزل رواحلنا فتكون في الخفة كأنفاسنا وتصير إبلنا مهزولةً وهذا من قول أبي الشيص.
أكل الوجيف لحومهم ولحومنا ... فأتوك أنقاضاً على أنقاض
ومثله قول الآخر
أنضاء شوق على أنضاء أسفارٍ
ما بنا من هوى العيون اللواتي ... لون أشفارهن لون الحداق؟
ما بمعنى التعظيم، أي: أي شيء؟ بنا من هذه العيون التي لون أشفارها في السواد، مثل لون أحداقها.
وهذا نهاية في الحسن كما ترى.
قصرت مدة الليالي المواضي ... فأطالت بها الليالي البواقي
قصرت: فعل المحبوبة. وقيل: فعل العين.
يقول: قصرت هذه المرأة علي مدة الليالي المواضي بالوصال الذي كان منها، وأطالت الآن لما هجرتني، الليالي البواقي.
وقوله: أطالت بها: أي قابلت قصر الليالي المواضي بطول الليالي البواقي فحصل طول هذه مكافأةً على قصر تلك.
وقيل: أراد طالت الليالي البواقي بسبب قصرها في المواضي، أي أن قصرها صار سبباً لطولها.
كاثرت نائل الأمير من الما ... ل بما نولت من الإيراق
الإيراق: هو الإسهار. يقال: أرقه يؤرقه إيراقاً. مثل: أرقه يؤرقه توريقاً.
يقول: هذه المرأة تكاثر نائل الأمير؛ في إعطائها لنا السهر فتناهت في ذلك، كما أنه تناهي في إعطاء المال.
وقيل الإيراق: مصدر أورق الصائد إذا خاب. ومعناه: أنها تكاثرت في المنع، فمنعها مثل جوده.
ليس إلا أبا العشائر خلقٌ ... ساد هذا الأنام باستحقاق
طاعن الطعنة التي تطعن الفي ... لق بالذعر والدم المهراق
يقول: إنه يطعن الطعنة فتملأ هذه الطعنة قلوب الجيش، خوفاً ورعباً فكأنه طعن الفيلق وأرقا دمآءهم.
وقوله: ليس في البيت الأول مبتدأ وأبا العشائر خبره.
ذات فرغٍ كأنها في حشا المخ ... بر عنها من شدة الإطراق
ذات فرغ: جر لأنه بدل من الطعنة. وقد روي بالنصب: على الحال. والمخبر: بفتح الباء الذي أخبرته بخبر. وفرغ الدلو: مصب الماء منه. شبه الطعنة بالدلو لسعتها، أي أن الدم يسيل منها كما يسيل الماء من فرغ الدلو، ثم قال: لو أخبر مخبر إنساناً بصفتها لملأ قلبه ذعراً، حتى أطرق رأسه استعظاماً لها، حتى كأن الطعنة في حشا السامع بها.
ضارب الهام في الغبار وما ير ... هب أن يشرب الذي هو ساق
ما للنفي. يقول: إذا هاجت الحرب وارتفع الغبار يضرب رءوس الشجعان، ولا يخاف أن يشرب كأس الموت الذي يسقيه الشجعان.
فوق شقاء للأشق مجالٌ ... بين أرساغها وبين الصفاق
الشقاء: الفرس الطويلة القوائم، والذكر: أشق والأرساغ: جمع الرسغ، وهو موصل الكف في الذراع، والقدم في الساق. والصفاق: الجلد الرقيق تحت الجلد الظاهر من البطن في الإنسان والدابة.
واختلفوا في الأشق هاهنا.
ومعناه: أن يضرب الهام راكباً فرساً شقاء يجول تحت بطنها كما يجول المهر تحت بطن أمه. وقيل. أراد بالأشق: والد هذه الشقاء. ومعناه: أنه فوق فرس شقاء، لوالدها مشابة بها، وهو معنى المجال في أرساغها وصفاقها، أي قوية الأرساغ وسائر الأعضاء، كما كان والدها كذلك.
وقيل: أراد بالأشق الرمح، أي أنه فوق هذه الفرس، وللرمح مجال ومضطربٌ بين جلد بطنها وأرساغها. وقيل. الأشق من المشقة: والمراد به المصروع من الشجعان الذي يكون على أشق الحال، ومعناه أنه على هذه الفرس يطأ الشجعان بقوائمها، فيكون لهم مجال بين أرساغها وصفاقها.
وقيل: أراد أشق الممدوح. إما لأنه طويل القامة، أو أنه أشق الناس على أعدائه من المشقة، فيكون له مجال فوقها بالامتداد والانثناء لحذقه بالطعن.
همه في ذوي الأسنةلافي ... ها وأطرافها له كالنطاق
يقول: لا يبالي بالأسنة التي تحيط به من جوانبه كالنطاق، ولا يكون له بها همة ولا يحذر منها، بل يكون همه مصروفاً إلى أرباب الأسنة ليطعنهم ويأسرهم ومثله لأبي تمام:
إن الليوث ليوث الغاب شأنهم ... يوم الكريهة في المسلوب لا السلب
ما رآها مكذب الرسل إلا ... صدق القول في صفات البراق
هذا البيت زائد.
يقول: ما رأى هذه الفرس الشقاء، من يكذب رسول الله صلى الله عليه وآله إلا صدق ما يذكر في أمر البراق، من السرعة في السير.