نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 90
والمنسوب: ويسميه العراقيون الهوادي، والمصريون البصاري، يعنون البصرية وهو بالنسبة إلى ما قدمنا ذكره كالعتاق من الخيل إلى ما عداها من البراذين وفيها العلوي وهو أسرع طيراناً، والطف جرماً، أحمر العين، مدور الرأس، مشمر السوق إلى أعلى الركبتين من الريش والناس يناضلون بالهوادي في السبق إلى الغايات، وطبعها الحرارة والرطوبة، وتسمى بالبصرة المذنبيات، وقال الجاحظ وقد يباع الحمام منها بخمسمائة دينار ولم يصل إلى هذا الثمن شيء من الطير، وتباع البيضة بخمسة دنانير والفرخ بعشرين ديناراً، وفي طبعه أنه يطلب ذكره ولو أرسل من آلاف فرسخ يحمل الأخبار ويأتي بها من المسافة البعيدة في المدة القريبة، وفيه ما يقطع ثلاثة آلاف فرسخ في يوم واحد، وربما اصطيد، وغاب عن وطنه عشرة حجج، ثم هو على ثبات عهده، وقوة عقده، وحفاظه، ونزاعه إلى وطنه، حتى يجد فرصة صار إليه، وإن كان جناحه مقصوصاً جدف به، وحثته نفسه إلى المضي إلى سكنه فأما بلغ وأما عذر، وهو ملقى غير مرقى، وأعداؤه كثيرة، وسباع الطير تطلبه أشد الطلب، وخوفه من الشاهين أشد من خوفه من غيره، وهو أطير منه ومن سباع الطير ولكنه يذعر فيجهل باب المخلص ويعتريه ما يعتري الحمار إذا رأى أسداً، والشاة إذا رأت ذئباً، والفأر إذا رأى هراً، ومن عجائب الطبيعة المركبة، ما حكاه ابن قتيبة في كتابه عيون الأخبار عن المثنى بن زهير أنه قال: لم أر شيئاً قط من رجل وامرأة إلا وقد رأيته في الحمام رأيت حمامة لا تريد إلا ذكرها، والذكر لا يريد إلا أنثاه إلى أن يهلك أحدهما، أو يؤخذ ويؤنس منه، ورأيت حمامة تزيف للذكر ساعة يريدها، ورأيت حمامة لها زوج، وهي تمكن آخر منها ما تعدوه، ورأيت حمامة تقحط حمامة ويقال: أنها تبيض عن ذلك لكن لا يكون لذلك البيض فراخ، وهو في سبيل البيض الريح ورأيت ذكراً يقحط ذكراً، ورأيت ذكراً يقحط كل ما لقي، ولا يتزاوج، وأنثى يقحطها كل من أرادها من الذكور ولا تزاوج، وليس في الحيوان ما يستعمل التقبيل عند السفاد إلا الحمام، وهو عفيف في السفاد يجر ذنبه على أثره ليعفي أثر الأنثى كأنه قد علم ما فعلت ويجتهد في إخفائه، وتغطيته وهو يسفد لتمام ستة أشهر، والأنثى تحمل أربعة عشر يوماً، وهي تبيض بيضتين يخرج من الأولى ذكر ومن الثانية أنثى، وبين الأولى والثانية يوم وليلة، والذكر من الحمام يجلس على البيض، ويسخنه جزء من النهار والأنثى بقية النهار، وكذلك الليل، وهي تبيض وتفرخ في كل عام عشر مرات، وأكثرها اثنتي عشرة مرة، ويتم وخلق البيض في عشرة أيام، واقل من ذلك، ويمكن أن تحبس الحمامة البيض في جوفها بعد الوقت الذي ينبغي أن تبيض فيه لأنها تفعل ذلك إذا أصابها أذى من قبل عشها، أو نتف شيء من ريشها، أو وجع يعرض لها، والبيض يبلغ ويخرج منه الفرخ إذا مضت عليه عشرون يوماً، والذكر والأنثى يدفئان الفراخ ويغطيانها بأجنحتها أياماً حتى تقوى كما فعل بالبيض لشفقتهما عليهما وإذا باضت الأنثى دأبت الدخول إلى عشها، والجلوس على بيضها، إما لحال ضعف أو كراهة ضربها الذكر واضطرارها للدخول، وإذا أراد الذكر أن يسفد الأنثى أخرج فراخه من الوكر، وقد ألهم هذا النوع أن الفراخ إذا خرجت من البيض فصنع الذكر تراباً مالحاً وأطعمه إياه ليسهل به المطعم، وزعم أرسطو أن الحمام يعيش ثمانين سنين. فصل
وقد تفرس الناس في هذا الحيوان مخايل الجودة، والرداءة لكثرة عنايتهم به، واتخاذهم له، فألوان جميع الفراسة التي لا تكاد تخطئ في الحمام الهادي أربعة: التقطيع، والمجسة، والشمائل، والحركة، فالمحمود في التقطيع انتصاب الخلقة، واستدارة الرأس وتوسطها، وعظم القرطمتين، ونقاؤهما واستاع المنخرين وانهرات الشدقين، وسعة الجوف وحسن العينين مع توقفهما وقصر المنقار واتساع الصدر، وامتلاء الجؤجؤ، وطول العنق، وإسراف المنكبين، وإنكماش الحاجبين وطول القوادم، وصلابة القصب، وعظم الفخذين والساقين، قصر الذنب، وصفاء اللون.
وأما المجسة: فرشاقة الخلق وشدة اللحم، ووثاقة العصب، ولين الريش وصلابة المنقار.
وأما الشمائل: فصفاء البصر، وثبات النظر، وشدة الحذر، وحسن التلفت، وذكاء الفؤاد، وقلة الرعدة، وخفة النهوض، والمبادرة إذا لقط.
نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 90