نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 2 صفحه : 128
لا يجد فيها العدو ثغرة ينفذ منها إلى التفرقة بينهم، وأخذوا يتراجعون رويدًا رويدًا، أو يحيكون الشباك للتفرقة، فألفوا لجنة "ملنر" ثم قدم ملنر مشروعه، فرفضه الوفد أول الأمر، وعدله بعد ذلك ملنر تعديلًا يسيرًا، فلم يشأ سعد أن يبت هو والوفد الذي سافر للمفاوضة في الأمر وحده، وأرسل المشروع مع أربعة[1] من أعضاء الوفد ليعرضوه على الأمة لتقول فيه كلمتها، وقد وجه سعد إلى الأمة كلمة قال فيها عن المشروع: "غير أنه نظرًا لاشتماله على مزايا لا يستهان بها، وتغير الظروف التي حصل التوكيل فيها، وعدم العلم بما يكون من الأمة بعد معرفتها بمشتملاته، وقياس المسافة التي بينه وبين أمانيها، ورأى إخواننا معنا خروجًا من كل عهدة، وحرصًا على كل فائدة، واستبقاء لكل فرصة، ألا يبتوا فيه رسميًّا بما يقتضيه توكيلهم، قبل عرضه عليكم أنتم نواب الأمة المسئولون، وأصحاب الرأي فيها"[2].
وإن كان سعد قد بين لأصحابه بمصر أنه حماية، وأنه يرفضه، وقد قال في كتابه لهم[3]: "أظنكم تستشفون أني لست من رأى المشروع الذي ستعرضونه على الأمة، أنتم والقادمون إليكم من إخوانكم، وهذا موافق للحقيقة؛ لأنه -وأريد أن يكون الأمر بيني وبينكم- مشروع ظاهره الاستقلال والاعتراف به، وباطنه الحماية وتقريرها"[4].
فلم يكن سعد صريحًا في الخطاب الذي وجهه للأمة، وظن بعض الناس أنه يوافق عليه، ووجد فيه بعضهم خطوة إلى الأمام، ومن هؤلاء شوقي. وقد نزل إلى معترك السياسة غب وصوله من منفاه، بعد أن أوصدت في وجهه أبواب القصر وتغير سكانه، ولم يعد مقيدًا بقيوده، فقال في مشروع ملنر:
ما بال قومي اختلفوا بينهم ... في مدحة المشروع أو ثلبه
كأنهم أسرى أحاديثهم ... في لين القيد وفي صلبه
يا قوم هذا زمن قد رمى ... بالقيد واستكبر عن سجنه
لو أن قدًّا جاءه من عل ... خشيت أن يأبى على ربه
وهذه الضجة من ناسه ... جنازة الرق إلى تربه [1] هم محمد محمود، وعبد اللطيف المكباني وأحمد لطفي السيد، وعلي ماهر. [2] ثورة سنة 1919 ج2 ص127. [3] هم مصطفى النحاس، وحافظ عفيفي، وويصا واصف: وقد رفضت الأمة المشروع. [4] ثورة سنة 1919 ج2 ص128.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 2 صفحه : 128