responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 104
وقسوته. وحكم قاسٍ غريب يصدر في سرعة فائقة بإعدام أربعة من المتهمين شنقًا أولهم شيخ في الخامسة والسبعين. ونفذ الحكم في اليوم التالي لصدوره بطريقة وحشية تشمئز منها النفوس وتقشعر لهولها الأبدان، فقد شنق جهارًا في رائعة النهار وفي نفس المكان الذي وقعت فيه الحادثة، وعلى مرأى ومسمع من أهليهم وذويهم، وهذا -ولا ريب- منافٍ لكل قواعد الذوق والشعور الإنساني. وعلى العموم فإن الألفاظ لتتحاذل عن وصف هذه البشاعة، والفجر، والقسوة الغاشمة، ومتابعة تنفيذ الحكم من جلد، وتعليق للمشنوقين ... إلخ.
ولقد استغل الوطنيون هذه الحادثة الفظيعة أروع استغلال، وشنها مصطفى كامل وصحبه حربًا شعواء على رجال الاحتلال، سمع صوتهم الإنجليز في بلادهم، وأثير بسببها الجدل في مجلس العموم البريطاني، وعدل رجال الاحتلال بعدها من سياستهم المتعسفة نحو مصر، وأجبر اللورد كرومر على الاستقالة عقب هذه الحادثة. وهي نهاية عهد كان الاحتلال يتمتع فيه بالاستقرار والطمأنينة، وبداية مرحلة جديدة من مراحل الجهاد القومي، عم فيها الشعور الوطني بعد أن كان الظن أن سواد الأمة راضٍ عن الاحتلال[1].
ومما يذكر في صدر حادثة دنشواي أن الكاتب العالمي "جورج برناردشو" كتب عن هذه الحادثة فصلًا من ست عشرة صفحة في مقدمة كتابه "جزيرة جون بول الأخرى" ولم يكتب أحد عن قضية دنشواي من الأجانب ما يضارعه في صدق العاطفة والدفاع ومضاء الحجة، وشدة الغيرة على المظلومين في هذا الحادث المشئوم، حتى لقد قرن "شو" في إنجلترا باسم دنشواي، ومما قاله في تلك المقدمة: "إن الفلاحين لم يتصرفوا في هذا الحادث غير التصرف الذي كان منتظرًا من جمهرة الفلاحين الإنجليز؛ لو أنهم أصيبوا بمثل مصابهم في المال والحرمان، وإن الضباط لم يكونوا في الخدمة يوم وقوع الحادث بل كانوا لاعبين عابثين، وأساءوا اللعب، وأساءوا المعاملة، وإن الفلاح الإنجليزي ربما احتمل عبثًا كهذا لأنه على ثقة من التعويض، ولكن القرويين لم تكن لهم هذه الثقة

[1] راجع مصطفى كامل ص 232 وما بعدها.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست