نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 92
والحقيقة التاريخية، أو كما تقول فرجينيا وولف: " لقد استغل [ستراتشي] كل قدرة المترجم في الاختيار والترتيب، وتشبث بكل قوته، بعالم الحقائق ". وسيظل هذا من أهم العناصر في السيرة، لأنه يمثل الحد القوي بين انجذابها مرة إلى التاريخ ومرة إلى القصة المتخيلة. والوثوق من هذه النقطة يخفف من الزلل أو الالتواء أو الانطلاق وراء الخيال، كما يخفف من جفاف الحقيقة ويسمح بالتخلي عن حقائق غير ضرورية.
فإذا شاء القارئ أن يرى الحد الفاصل بين السيرة وما يسمونه " القصة التاريخية " فانه واجد في الثانية حرية أكثر في الخيال، وشخصيات وأحداثاً مخترعة، وتشكيلاً جديداً، ويختلط كل ذلك بشيء من التاريخ، قائم على فهم عام لروح العصر وطبيعة ناسه. وقد يكتفي القاص باستيحاء التاريخ، ومفهوماته عن العصور، فيكتب تحت تأثير ذلك الاستيحاء من خياله، على أن يكون صادقاً مخلصاً في التعبير عن روح الزمان والمكان، دون تسوية للحقائق الكبرى، والمشاكل العظمى. فجوهر القصة التاريخية متخيل، والأحداث الهامة فيها حقيقة، وليس هدفها أن ترسم حياة شخص ما، كما تفعل السيرة، بل هدفها أن تستعيد صورة الماضي لإثارة بعض المتعة التي لا يحققها التاريخ [1] في نفوس أناس ربما لم تسمح لهم ظروفهم وميولهم، أو هما معاً، بالدراسة التاريخية الجادة. أما [1] Clark: Studies in Literary Modes p. 3.
نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 92