نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 84
كثيرة من الأخبار. وكتاب مثل طبقات ابن سعد يفيده كثيراً لأنه يعني بدقائق الأمور، كالثياب التي كان يلبسها المترجم له، وثمنها ولونها وطريقة لبسها، وطريقة اللقاء والتحدث، ووصف القامة واللون والمشية، وهي دقائق يعز وجودها في مصادر أخرى.
ولا بد له من يقظة ذهنية مستمرة، مشفوعة بإرهاف خاص في التمييز والحدس والترجيح، ذلك لأن مهمة كاتب السيرة كمهمة أي فنان بعد أن تصبح المادة جاهزة لديه؟ مهمته هي أن يقرب ويبعد، ويستبقي ويرفض، وأن يضع ميزان الأختيار أمامه، فما كل شيء يستحق التسجيل، وليس يكفيه أن يكون له ما للمؤرخ من قوة ناقدة، تعرف أين هو موطن الضعف، وتفرز الرواية المغرضة من الرواية الصحيحة. بل لا بد له من إدراك ذوقي دقيق، يعرف ما يحسن أن يبقيه أو ينفه من الصحيح نفسه. فقد يجد ي الروايات أن عمر بن عبد العزيز أتى يوماً بمسك من الفيء، فوضع بين يديه فوجد ريحه، فوضع يده على أنفه، وقال: أخروه حتى لم يجد له ريحاً [1] ، فإذا قبل هذه الرواية، واطمأنت إليها نفسه، فأرى له ألا يثبتها لأنها لا تثير في نفس السامع الحديث إلا الضحك، وإذا أبى إلا إثباتها فعليه أن يمهد لها في نفس القارئ، بما يصيب المقاييس من تغيير وما يلحق المفهومات من تفاوت مع الزمن. وفي المصادر العربية خاصة لا توجد في غيرها، وربما كانت من سيئاتها لا من حسناتها [1] ابن عبد الحكم: 44.
نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 84