نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 76
والسيرة، فالقصصي حر في الخلق والبناء، يملك أن يتخيل مواقف ومحاورات، وله الحق في أن يصف التيار الداخلي في أنفس الشخصيات التي يرسمها، وقد يلجأ في بناء الشخصية إلى بعض العناصر المستمدة من التاريخ، ككاتب السيرة أيضاً، ولكنه كثيرا ما يخلق العناصر التي يراها ملائمة لمواقف شخصياته، فيتقمص هذا وذاك، ويبني عالما جديدا ليس له من صلة بالواقع إلا أنه شبيه به، وأن حدوثه أمر محتمل؛ أما كاتب السيرة فلا بد له من مذكرات ورسائل وشواهد وشهادات من الأحياء؟ أحيانا؟ يعتمد عليها في كل خطوة، وكثيرا ما تعوزه الشواهد في أدق المواقف، وكثيرا ما تكون الشواهد التي يعتمد عليها متناقضة أو ناقصة أو منحرفة عن موضعها، فلا حيلة له في مواطن النقص وانعدام الوثائق، وقد يعجز لقلة الأدوات التي يملكها عن أن يكشف عن درجة التناقض والتحريف، فيقف متكوف اليدين حائرا، وتصبح كتابة السيرة أمرا عسيرا أو مستحيلا؟ يقرأ فيما يقرأه من روايات إن أهل مصر حين زارها أبو نواس، ثاروا على الخصيب أمير الخراج، فخرج أبو نواس إليهم وخطب فيهم وأنهى خطبته بقوله:
فإن يك باقي سحر فرعون فيكم ... فإن عصا موسى بكف خصيب فإذا لم يكن كاتب السيرة واعيا بما يعمل فإنه يمر بهذه الحادثة ويقرنها بغيرها من الأحداث، ولكنه إن كان شامل النظرة فيما يزاوله، لا يلبث أن يستكشف كيف أن الروايات
نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 76