نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 113
باشتراكهما التام مصحوب بالغلو، ولكن اتفاقهما في كثير من المظاهر والعناصر أمر طبيعي؛ وكلما أصبحت السيرة تعبيراً ذاتياً عن نفس كاتبها وظروفه، وكانت الشخصية التي يتحدث عنها هي مثله الأعلى، قلت نسبة الفرق بين هذين الفنين.
ونخلص من هذا إلى أن كاتب السيرة الذاتية لا يصور نفسه فحسب، وإنما يحكم عليها ويحاول أن يتجرد من الرابطة العاطفية التي تشده بها، فإلى أي حد يمكن أن يكون هذا الكاتب الذاتي صادقاً؟ وبعبارة أخرى، ما هي درجة الصدق في السيرة الذاتية، وهل من الممكن للصدق التام أن يتحقق فيها؟ والجواب على هذا التساؤل سهل لا يحتاج كثيراً من التدقيق. فالصدق الخالص أمر يلحق بالمستحيل، والحقيقة الذاتية صدق نسبي، مهما يخلص صاحبها من نقلها على حالها؛ ولذلك كان الصدق في السيرة الذاتية " محاولة " لا أمراً متحققاً. وقد عرض موروا للحوائل التي تحول دون تحقق الصدق في السير الذاتية: فعد منها النسيان الطبيعي، والنسيان المتعمد، فنحن لا نذكر من عهود الطفولة إلا القليل، وبعض ما نذكره أحياناً نحاول إخفاءه لأنه لا قيمة له، وما دمنا ننشئ فناً فإن عملية الاختبار هي التي تتحكم فيما نعمله، فنحذف ما نحذفه ونبقي ما نبقيه، خضوعاً لتلك الحاسة الفنية فينا. وهناك أشياء نستحي من ذكرها، كبعض العلاقات الجنسية، وقليلون هم الذين لديهم جرأة روسو، بل كثيرون هم الذين يخجلون من أن يقروا روسو
نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 113