إلقاء الشعر قصيدته
الأصل في الشعر أن يلقي الشاعر شعره بنفسه إذا لم يكن هناك سبب يمنعه من ذلك؛ لأن القصيدة قطعة من الشاعر وصورة نفسه وقيض وجدانه وإحساسه ورسم تجربته.
وتروي لنا كتب الأدب أن إلقاء الشعر يحتاج من الشاعر أن يحتفل له بما يجعله أنيقا في العيون، مهيبا في الصدور، جليلا في الأسماع؛ ليلفت إليه المستمع حسًّا ومعنى، وظاهرا وباطنا؛ وليعطفهم عليه، ويدفع سأمهم منه.
دخل العماني الراجز على هارون الرشيد؛ لينشده وعليه قلنسوة طويلة وخف ساذج.
فقال له الرشيد: يا عماني، إياك أن تنشدني إلا وعليك عمامة عظيمة وخفان دلقمان.
ودخل أبو تمام على المأمون في زي أعرابي فأنشده قصيدته التي أولها:
دِمَنٌ أَلَمَّ بِها فَقالَ سَلامُ ... كَم حَلَّ عُقدَةَ صَبرِهِ الإِلمامُ
فجعل المأمون يتعجب من غريب ما يأتي به من المعاني، ويقول ليس هذا من معاني الأعراب؟
فلما انتهى إلى قوله:
هُنَّ الحَمامُ فَإِن كَسَرتَ عِيافَةً ... مِن حائِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ حِمامُ