الفضل في الجماعة فإن السلامة في العزلة. وبلغ الفضيل هذا فقال: سمعتم كلاما أحسن منه! قال ابن المبارك: ركبت مع محمد بن النّضر الحارثيّ السفينة فقلت:
بأيّ شيء أستخرج منه الكلام؟ فقلت: ما تقول في الصوم في السفر؟ فقال:
إنما هي المبادرة؛ فجاءني والله بفتوى غير فتوى إبراهيم والشّعبيّ.
حدّثني عبد الرحمن بن عبد الله عن الأصمعيّ قال: قيل لأبي حازم: ما مالك؟ فقال: الثقة بما في يد الله واليأس مما في أيدي الناس. وقال أبو حازم: إنه ليس شيء من الدنيا إلا وقد كان له أهل قبلكم، فآثر نفسك أيها المرء بالنصيحة على ولدك، واعلم إنما تخلف مالك في يد أحد رجلين:
عامل فيه بمعصيه الله فتشقى بما جمعت له، وعامل فيه بطاعة الله فتسعد بما شقيت له؛ فارج لمن قدّمت منهم رحمة الله، وثق لمن خلّقت منهم برزق الله.
وقال أبو حازم: إن كنت إنما تريد من الدنيا ما يكفيك ففي أدناها ما يكفيك، وإن كنت لا ترضى منها بما يكفيك فليس فيها شيء يغنيك.
ونظر أبو حازم إلى الفاكهة في السوق فقال: موعدك الجنّة. ومرّ بالجزّارين فقال له رجل منهم: يا أبا حازم، هذا سمين فاشتر منه؛ قال: ليس عندي ثمنه؛ قال: أنا أنظرك؛ ففكّر ساعة ثم قال: أنا أنظر نفسي.
قال سفيان: حلف أبو حازم لجلسائه: إني لأرضى أن يبقى أحدكم على دينه كما يبقى على نعله.
حدّثني محمد بن زياد الزياديّ قال: حدّثنا عيسى بن يونس عن عبد الله ابن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«الصحّة والفراغ نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس» .