مقام الحسن عند عمر بن هبيرة
كتب ابن هبيرة إلى الحسن وابن سيرين والشعبيّ فقدم بهم عليه، فقال لهم: إن أمير المؤمنين يكتب إليّ في الأمر، إن فعلته خفت على ديني، وإن لم أفعله خفت على نفسي؛ فقال له ابن سيرين والشعبيّ قولا رقّقا فيه، وقال له الحسن: يا بن هبيرة، إن الله يمنعك من يزيد، وإنّ يزيد لا يمنعك من الله. يا بن هبيرة، خف الله في يزيد ولا تخف يزيد في الله. يا بن هبيرة، إنه يوشك أن يبعث الله إليك ملكا فينزلك عن سريرك إلى سعة قصرك، ثم يخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، ثم لا ينجيك إلّا عملك. يابن هبيرة، إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ فأمر له بأربعة آلاف درهم وأمر لابن سيرين والشعبيّ بألفين؛ فقالا: رفّقنا فرقّق لنا.
باب من المواعظ
كلام للحسن
قال في كلام له: أمتكم آخر الأمم وأنتم آخر أمتكم، وقد أسرع، بخياركم فماذا تنتظرون! المعاينة؟ فكأن قد. هيهات هيهات! ذهبت الدنيا بحال بمالها، وبقيت الأعمال أطواقا في أعناق بني آدم؛ فيا لها موعظة لو وافقت من القلوب حياة! إنه والله لا أمّة بعد أمتكم، ولا نبيّ بعد نبيكم، ولا كتاب بعد كتابكم؛ أنتم تسوقون الناس والساعة تسوقكم؛ وإنما ينتظر بأوّلكم أن يلحق آخركم. من رأى محمدا صلى الله عليه وسلم فقد رآه غاديا رائحا لم يضع لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة، رفع له علم فشمّر إليه؛ فالوحى الوحى «1» ، والنجاء النجاء. علام تعرجون؟ أسرع بخياركم وأنتم كلّ يوم ترذلون «2» . لقد