فارعوى قلبه فقال وما غب ... طة حيّ إلى الممات يصير
فبكى هشام وقام ودخل؛ فقال لي حاجبه: لقد كسبت نفسك شرّا، دعاك أمير المؤمنين لتحدّثه وتلهيه وقد عرفت علّته فما زدت على أن نعيت إليه نفسه. فأقمت أياما أتوقّع الشرّ، ثم أتاني حاجبه فقال: قد أمر لك بجائزة وأن لك في الانصراف.
مقام محمد بن كعب القرظيّ بين يدي عمر بن عبد العزيز
قال: إنما الدنيا سوق من الأسواق، فمنها خرج الناس بما ينفعهم وبما يضرّهم، وكم من قوم قد غرهم مثل الذي أصبحنا فيه حتى أتاهم الموت فاستوعبهم فخرجوا من الدنيا مرملين «1» لم يأخذوا لما أحبّوا من الآخرة عدّة ولا لما كرهوا جنّة «2» ، واقتسم ما جمعوا من لم يحمدهم وصاروا إلى من لا يعذرهم. فانظر الذي تحبّ أن يكون معك إذا قدمت، فقدّمه بين يديك حتى تخرج إليه؛ وانظر الذي تكره أن يكون معك إذا قدمت، فابتغ به البدل حيث يجوز البدل؛ ولا تذهبنّ إلى سلعة قد بارت على غيرك ترجو جوازها عنك. يا أمير المؤمنين، افتح الأبواب، وسهّل الحجاب، وانصر المظلوم.