يبكيك؟ قال: يا أحمد، إنه إذا جنّ الليل وهدأت العيون وأنس كلّ خليل بخليله، فرش أهل المحبة أقدامهم، وجرت دموعهم على خدودهم يسمع لها وقع على أقدامهم، وقد أشرف الجليل عليهم فقال: بعيني من تلذّذ بكلامي واستراح إليّ، فما هذا البكاء الذي أراه منكم؟ هل أخبركم أحد أنّ حبيبا يعذّب أحباءه؟ أم كيف أبيّت قوما، وعند البيات أجدهم وقوفا يتملّقونني! فبي حلفت أن أكشف لهم يوم القيامة عن وجهي ينظرون إليّ.
قالت خنساء: كنت أبكي لصخر من القتل، فأنا أبكي له اليوم من النار.
قال عمر بن ذرّ لأبيه: يا أبت، مالك إذا تكلّمت أبكيت الناس، وإذا تكلّم غيرك لم يبكهم؟ فقال: يا بنيّ، ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة.
وفي بعض ما أوحى الله إلى نبيّ من أنبيائه: هب لي من قلبك الخشوع، ومن بدنك الخضوع، ومن عينك الدموع، وادعني، فإني قريب.
وكان عمر يقول: استغزروا العيون بالتذكّر.
التهجد
حدّثنا حسين بن حسن المروزيّ قال: حدّثنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرني معمر والأوزاعيّ عن يحيى بن أبي كثير (1) عن أبي سلمة عن أبي زمعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت عند حجرة النبيّ صلى الله عليه وسلم فكنت أسمع، إذا قام من الليل، «سبحان الله ربّ العالمين» الهويّ «1» من الليل، ثم يقول: