وأشجارها.
وحدّثني بهذا الإسناد قال: لما أمر الله إبراهيم أن يذبح إسحاق عليهما السلام ويجعله قربانا، أسرّ ذلك إلى خليل له يقال له: العازر؛ فقال له الصديق: إن الله لا يبتلي بمثل هذا مثلك، ولكنّه يريد أن يجرّبك ويختبرك، وقد علمت أنه لم يبتلك بهذا ليفتنك ولا ليضلّك ولا ليعنتك ولا لينقص به بصيرتك وإيمانك ويقينك، ولا يروّعنّك هذا ولا تسوءنّ بالله ظنّك، وإنما رفع الله اسمك في البلاء على جميع أهل البلاء، حتى كنت أعظمهم في نفسك وولدك، ليرفعك بقدر ذلك عليهم في المنازل والدرجات والفضائل؛ فليس لأهل الصبر في فضيلة الصبر إلا فضل صبرك، وليس لأهل الثواب في فضيلة الثواب إلا فضل ثوابك، وليس لأهل البلاء في جسيم شرف البلاء إلا فضل شرفك. وليس هذا من وجوه البلاء الذي يبتلي الله به أولياءه، لأن الله أكرم في نفسه وأعدل في حكمه وأعدل في عباده من أن يجعل ذبح الولد الطيّب بيد الوالد النبيّ المصطفى؛ وأنا أعوذ بالله من أن يكون هذا منّي حتما على الله أو ردّا لأمره أو سخطا لحكمه على عباده، ولكن هذا الرجاء فيه والظنّ به.
فإن عزم ربك على ذلك فكن عبدا أحسن علمه بك؛ فإني أعلم أنه لم يعرّضك لهذا البلاء العظيم إلا لحسن علمه بك وبصدقك وبصبرك، ليجعلك للناس إماما؛ ولا حول ولا قوّة إلا بالله.
وحدّثني بهذا الإسناد أنّ يوسف عليه السلام لمّا لبث في السجن سبع سنين أرسل الله عز وجلّ إليه جبريل عليه السلام بالبشارة بخروجه، فقال له:
أتعرفني أيها الصّدّيق؟ قال له يوسف: أرى صورة ظاهرة وروحا طيّبا لا يشبه أرواح الخاطئين؛ قال جبريل: أنا الروح الأمين، رسول ربّ العالمين؛ قال يوسف: فما أدخلك مداخل المذنبين وأنت سيد المرسلين ورأس المقرّبين؟