وفي زيادة الحال مع التفريط في العمل. ولو كنت ممن سوّلت له نفسه ذلك سائر دهره، لقد وجب إلى أن يضطرّني إلى النزوع عنه تأديبك وتقويمك.
وإني لمجتهد أن يكون أثر فعلي هو المخبر عني دون قولي، وأن يكون ما أمتّ به إليك ظاهر كفايتي دون ذمامي.
لولا ما أنا بسبيله من العمل، وما في الإخلال به من تعريضه للانتشار ودخول الخلل، وعلمي بأن طاعة السلطان مقرونة بطاعة الأمير، وأنه لا فرق عنده بين الجاني على السلطان وعليه، لكنت الجواب راجلا معظّما لأمره، مكبرا لسخطه؛ وإن كان الله قد جعل عند الأمير من إيثار الحق والعمل به، وتقديم الرويّة قبل الإيقاع، والاستثناء «1» بمن وضح ذنبه وظهر جرمه دون من وقعت الشبهة في أمره، ما أمّنني بادرة غضبه ونازل سطوته.
لم أكن أحسبني أحلّ عندك محلّ من جهل حظّه، وعدم تمييزه، وغبي عمّا عليه وعمّا له؛ إذ توهّمت عليّ أنّي أبيع خطيرا من رضاك، ونفيسا من رأيك، وشرفا باقيا على الأيام بطاعتك، وعدّة للنوائب أستظهر بها من نصرتك، بالثمن البخس الحقير من كذا، أو أن أستبدل بما أنا ذو فاقة إليه من عزّ كنفك ومنيع ذراك، ما قد وهب الله الغنى عنه بحمده.
كان ورودك وشخوصك في وقتين انظويا عني، وكان مقامك في حال شغل منك ومني، ولذلك فقدتني في القاضين لحقك والمثابرين على لقائك.
ورد كتابك مضمّنا من برّك وتطوّلك ما حسّن شكري، وأثقل ظهري، وأرتج عن مضاهاتك بمثله قولي؛ فذكرت به- إذ تحيرّت دون تأمّله، وضعفت