شهادته لك بكرم العقد، وصدق الودّ، وحسن المغيب، ورعاية حق التحرّم، وبعد الشيمة من شيم أهل الزمان إلا من عصم الله، وقليل ما هم، ولله أبواك لقد أوجداك.
قد أجلّ الله خطرك عن الاعتذار، وأغناك في القول عن الاعتلال، وأوجب علينا أن نقنع بما فعلت، ونرضى بما أتيت وصلت أو قطعت، إذ وثقنا بحسن نيّتك ونقاء طويّتك، وألزمنا أن نأخذ أنفسنا لك بما لا نحمّلك مثله، ولا نلتمس منك مقابلة به.
ما أخرّ كتبي عنك إلا ما أنا عليه من إيثار التخفيف بقطع الكتب، إلا عند حقّ يقع فأقضيه، أو نعمة تحدث فأهنّىء بها، والقصد للزيادة في البرّ بالزيارة في الغبّ، واستدعاء دوام الوداد بانتهاز فرص الوصل.
وكتبت إلى محمد بن عبد الله بن طاهر:
أمّا شكري للأمير على سالف معروفه فقد غار وأنجد. وأمّا ابتهالي إلى الله في جزائه عنّي بالحسنى فإخلاص النيّة عند مظانّ القبول. وأمّا أملي فأحياه على بعد العهد بلاؤه عندي، إذ كان ما تقدّم منه شافعا في المزيد، وفسحة وعده إياي عند مفارقتي له، إذ كان مؤذنا بالإنجاز. وأما زللي في التأخّر عما أوجب الله عليّ له، فمقرون بالعقوبة فيما حرمته من عزّ رياسته، ونباهة صحبته، وعلوّ الدرجة به، وإن كنت سائر أيام انقطاعي عنه معتلقا بسبب لا خيار معه. مكاتبتك- أعزّك الله- وأنا مجاورك ببلد دون السعي إليك مجلّا لقدرك مما أكبر. لاقيك بكتابي هذا فلان، وله عليّ حقّان؛ حقّ عمّ المسلمين فلزمني بلزومه لهم، وحق خصّني بالحرمة والعشرة. فرأيك في كذا إن سهل السبيل إلى ذلك ورحب، وإن يعق عائق فلست على جميل رأي عندي بمتّهم.