لقي بكر بن عبد الله أخا له فقال: إذا أردت أن تلقى من النّعمة عليك أعظم منها عليه وهو أشكر للنّعمة لقيته، وإذا شئت أن تلقى من أنت أعظم منه جرما وهو أخوف لله منك لقيته. أرأيت لو صحبك رجلان: أحدهما مهتوك لك ستره ولا يذنب ذنبا إلا رأيته ولا يقول هجرا إلا سمعته فأنت تحبّه على ذلك وتوافقه وتكره أن تفارقه، والآخر مستور عنك أمره غير أنك تظنّ به السوء فأنت تبغضه، أعدلت بينهما؟ قال: لا؛ قال: فهل مثلي ومثلك ومثل من أنت راء من الناس إلا كذلك؟ إنا نعرف الحقّ في الغيب من أنفسنا فنحبّها على ذلك، ونتظنّن الظّنون على غيرنا فنبغضهم على ذلك. ثم قال: أنزل الناس منك ثلاث منازل، فاجعل من هو أكبر منك سنّا بمنزلة أبيك، ومن هو تربك بمنزلة أخيك، ومن هو دونك بمنزلة ولدك، ثم انظر أيّ هؤلاء تحبّ أن تهتك له سترا أو تبدي له عورة!.
سعيد بن واقد المزنيّ قال: حدّثنا صالح بن الصّقر عن عبد الله بن زهير قال: وفد العلاء «1» بن الحضرميّ على النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «أتقرأ من القرآن شيئا؟ فقرأ عبس وزاد فيها من عنده؛ وهو الذي أخرج من الحبلى، نسمة تسعى، من بين شراسيف «2» وحشى؛ فصاح به النبيّ صلى الله عليه وسلم وقال له: كفّ فإنّ السورة كافية» . ثم قال: هل تروي من الشّعر شيئا فأنشده: [طويل]
حيّ ذوي الأضغان تسب قلوبهم ... تحيّتك القربى فقد ترقع النّعل
وإن دحسوا «3» بالكره فاعف تكرّما ... وإن خنسوا عنك الحديث فلا تسل