وفي كتب العجم: أنّ أربعة من الملوك اجتمعوا فقالوا كلّهم كلمة واحدة كأنّها رمية بسهم: ملك فارس، وملك الهند، وملك الروم، وملك الصين. قال أحدهم: إذا تكلّمت بالكلمة ملكتني ولم أملكها. وقال آخر: قد ندمت على ما قلت ولم أندم على ما لم أقل. وقال آخر: أنا على ردّ ما لم أقل أقدر منّي على ردّ ما قلت. وقال آخر: ما حاجتي إلى أن أتكلّم بكلمة، إن وقعت عليّ ضرّتني، وإن لم تقع عليّ لم تنفعني.
قال زبيد الياميّ «1» : أسكتتني كلمة ابن مسعود عشرين سنة: من كان كلامه لا يوافق فعله فإنّما يوبّخ نفسه.
وفي كتاب كليلة ودمنة: ثلاثة يؤمرون بالسكوت: الراقي في جبل طويل، وآكل السمك، والمروّي «2» في الأمر الجسيم. قال بعض «3» الشعراء:
[مخلع البسيط]
قد أفلح السالم الصّموت ... كلام واعى الكلام قوت
ما كلّ نطق له جواب ... جواب ما يكره السكوت
يا عجبا لامرىء ظلوم ... مستيقن أنّه يموت
بلغني عن أبي أسامة عن ابن عون عن الحسن قال: جلسوا عند معاوية فتكلّموا وصمت الأحنف؛ فقال معاوية: يا أبا بحر، مالك لا تتكلّم؟ قال:
أخافكم إن صدقتكم، وأخاف الله إن كذبت.
حدّثني محمد بن داود قال: حدّثنا الحميديّ قال: حدّثنا أبو الحكم