فلّما صرنا في الطريق أهدي لنا جنب من لحم عليه كرافىء «1» الشّحم وخريطة من كمأة ووطب من لبن فطبخنا هذا بهذا، فما زال ذفرياي تنتحان «2» منه إلى أن رجعت. وصايا المعلّمين
قال عتبة بن أبي سفيان لعبد الصمد مؤدّب ولده: ليكن إصلاحك بنيّ إصلاحك نفسك، فإنّ عيوبهم معقودة بعيبك، فالحسن عندهم ما استحسنت، والقبيح ما استقبحت؛ وعلّمهم سير الحكماء، وأخلاق الأدباء، وتهدّدهم بي وأدّبهم دوني؛ وكن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء؛ ولا تتّكلنّ على عذر منّي، فإني قد اتّكلت على كفاية منك.
قال الحجّاج لمؤدّب بنيه: علّمهم السّباحة قبل الكتابة، فإنهم يجدون من يكتب عنهم، ولا يجدون من يسبح عنهم.
وقال عبد الملك لمؤدّب ولده: علّمهم الصدق كما تعلّمهم القرآن، وجنّبهم السّفلة فإنّهم أسوأ الناس رعة «3» وأقلّهم أدبا، وجنّبهم الحشم فإنّهم لهم مفسدة؛ وأحف «4» شعورهم تغلظ رقابهم، وأطعمهم اللحم يقووا؛ علّمهم الشّعر يمجدوا وينجدوا، ومرهم أن يستاكوا عرضا ويمصّوا الماء مصّا ولا يعبّوه عبّا؛ وإذا احتجت إلى أن تتناولهم بأدب فليكن ذلك في ستر لا يعلم به أحد