responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشاء نویسنده : القلقشندي    جلد : 6  صفحه : 418
ما كاد يخطف أبصارهم من تهديده، ولا بالوا بما ألّب عليهم من جند الشام من كلّ أوب، وصبّ عليهم سيوله من كل صوب، وخادعهم بالرسائل التي ما تزيدهم عليه إلا إباء، ولا تشكّكهم أن السيف أصدق منه إنباء، حتّى ولّى لا تنفعه الخدع، ولا تنصره البدع، فما أسعدته تلك الجموع التي جمعها، ولا أجابته تلك الجنود التي سار عليها إلى مكمن أجله، ولا وقت تلك السيوف التي لم يظهر له من بوارقها إلا حمرة الخجل، حتى أخذ مع طاغيته بل طاغوته بمصر ذلك الأخذ الوبيل، وقذف به إلى مهوى هلكة سيل ذلك السبيل، وقام من بالديار المصرية قيام رجل واحد، وتظافروا على إزالة ذلك الكافر الجاحد، ولم يبق من الأمراء إلا من بذل الجهد، وجمع قلوب الرعية والجند، وفعل في الخدمة الشريفة ما لم يكن منه بدّ، حتّى حمد الأمر وخمد الجمر، وتواترت الكتب بما عمّت به البشرى من إقامة البيعة باسمه الكريم، وأنه لم يبق إلا من أعطى اليمين وأعطى اليمين، وأتمّ الحلف إتماما لا يقدّر معه ثمين، وأقيمت له السّكة والخطبة فرفع على المنابر اسمه وتهلل به وجوه النّقود، وظهر على أسارير الوجود، وضربت البشائر، ونهبت المسرّات السّرائر، وتشوّقت أولياء هذه الدولة القاهرة أدام الله سلطانها إلى حضور ملكها، وسفور الصّباح لإذهاب ما أبقته عقابيل تلك الليلة من حلكها. والمقام العالي ما يزداد علما ولا يزاد عزما، وهو أدرى بما في التأخير، وبما في بعده من الضرر الكبير ومثله لا يعلّم، ومنه يتعلّم؛ فهو أعلم بما يجب من مسابقة قدومه للبشير، وما سيعنّ من معاجلته لامتطاء جواديه ظهر الخمال وبطن السّرير، فالله الله! في تعجيل حفظ هذا السّوام المشرّد، وضمّ هذا الشّمل المشتّت ونظم هذا العقد المبدّد، وجمع كلمة الإسلام التي طالما افترقت، وانتجاع عارض هذه النعمة التي أبرقت، وسرعة المسير فإنّ صبيحة اليوم المبارك الذي يعرف من أوّله قد أشرقت، فما بقي ما به يقتدر، ولا سوى مقدمه السعيد ينتظر.
وقد كتبناها ويدنا ممدودة لمبايعته وقلوب الخلق كلّها مستعدّة لمتابعته، وكرسيّ الملك قد أزلف له مقعده ومؤمّل الظّفر قد أنجز له موعده، والدهر

نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشاء نویسنده : القلقشندي    جلد : 6  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست