نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشاء نویسنده : القلقشندي جلد : 6 صفحه : 324
يتضمّن معنى الدوام والبقاء، نحو «أطال الله بقاءك» و «نسأ أجلك» و «أمتع بك» وما أشبه ذلك، لم تجز المكاتبة به.
واحتجّ لذلك بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه «أنّ أمّ حبيبة بنت أبي سفيان، زوج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: اللهمّ، أمتعني بزوجي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية- فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لقد دعوت لآجال مضروبة، وأرزاق مقسومة لا يتقدّم منها شيء قبل أجله ولا يتأخّر بعد أجله، ولو سألت الله أن يقيك عذاب النار لكان خيرا لك» . وبما روي أن الزّبير بن العوّام، رضي الله عنه، قال للنّبي صلّى الله عليه وسلّم: «جعلني الله فداك» فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
«أما تركت أعرابيّتك بعد» ؟ فقد أنكر صلّى الله عليه وسلّم على أمّ حبيبة والزبير الدعاء بما فيه طول البقاء. وإذا امتنع ذلك في مطلق الدعاء، امتنع في المكاتبة من باب أولى؛ لمخالفة طرقها التي وردت بها السنة. قال حمّاد بن سلمة: كانت مكاتبة المسلمين «من فلان إلى فلان، أما بعد، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو وأسأله أن يصلّي على محمد عبده وآل محمد» حتّى أحدث الزنادقة- لعنهم الله- هذه المكاتبة التي أوّلها «أطال الله بقاءك» .
وعن إسماعيل بن إسحاق أنّ أوّل من كتب «أطال الله بقاءك» الزنادقة. وقد قال الإمام الرافعيّ وغيره من أئمة أصحابنا الشافعية: إن الدعاء بالطّليقة- وهي أطال الله بقاءك- لا أصل له في الشرع. قال الشيخ محيي الدين النوويّ: وقد نصّ السلف على كراهته. ونقل النحاس عن بعضهم أنه استحبّ تقييده بالإضافة إلى شيء آخر، مثل أن يكتب «أطال الله بقاءك في طاعته وكرامته» أو «أطال الله بقاءك في أسرّ عيش وأنعم بال» وما أشبه ذلك.
واعلم أنّ الناس قد اختلفوا في صورة الابتداء بالدعاء؛ فالأوّلون- لابتداع الدّعاء في المكاتبات- كانوا يفتتحون بطول البقاء للخلفاء وغيرهم؛ ثم توسّعت الطبقة الثانية من الكتّاب في المكاتبة فافتتحوا بالدعاء للخلفاء والملوك بخلود الملك، ودوام الأيام، ودوام السّلطان وخلوده، وما في معنى ذلك؛
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشاء نویسنده : القلقشندي جلد : 6 صفحه : 324