responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام نویسنده : النعمان عبد المتعال القاضي    جلد : 1  صفحه : 272
2- قصص الفرسان في الفتوح:
روى القصاص أحاديث البطولة في الشعب، الذي كان يتطلب أن يرى فيها إعجازًا وإغرابًا يبرران المعجزة التي تحققت له. وكان يحب أن يرى نفسه في فرسانه الذين حققوا هذه المعجزة. وأفلح القصاص في نسج هذه الصورة التي بعدت مع الخيال -في بعض جوانبها- عن الواقع الحقيقي إلى الأسطورة الخيالية، وصورت له الفرسان المسلمين في صورة عجيبة وفذة، وهي صورة ترضي أحاسيسه بالاعتزاز وتتملق إعجابه بتاريخه.
ومن هذه القصص ما روي في أخبار القواد والأمراء والفرسان الذين برزوا ببلائهم، واتخذت أفعالهم الفذة نواة صيغت حولها هذه الصور الأسطورية.
تتبعت هذه الأخبار اجتياح خالد بن الوليد للعراق في السنة الأولى، وإخضاعه لها، وإجرائه أنهار الدم في أليس وفم فرات بادقلي، وافتضاضه الحيرة والأنبار وعين التمر، وإنقاذه عياض بن غنم، وفتح دومة، واعتسافه الصحراء إلى مكة؛ ليؤدي فريضة الحج وعودته إلى الحيرة قبل أن يعود جيشه إليها، ثم اعتسافه الصحراء إلى الشام في خمسة أيام، سلك فيها طريقًا غامضًا، لا يزال موضوع حدس وتخمين لعلماء الجغرافية العسكرية إلى اليوم.
وقد فعلت هذه الروايات فعل السحر في الناس. فتابعوا خالدًا في الشام فإذا هو بطل اليرموك، وهو الذي تسور دمشق، وإذا هو أحد أركان المسلمين فيها بعد فتح دمشق، وفي القضاء على الفتن في شمالي الشام.
ولا شك أن هذه الروايات هي التي عزلت خالدًا، كما يبدو في كتاب الخليفة إلى الأمصار، واعترافه بأنه لم يعزله عن خيانة وتقصير، وإنما لأن الناس قد فتنوا به، فخاف أن يوكلوا إليه الأمر، وأحب أن يعلموا أن الله هو الصانع، وأن عمر تمثل بقول الشاعر:
صنعت فلم يصنع كصنعك صانع ... وما يصنع الأقوام فالله صانع1
وقد مر بنا كيف كانت حياة عمرو بن معديكرب أقرب ما تكون إلى الأسطورة، من ترداد لقصص بطولته وأفاعيله في القتال، ومنازلة الأقران وشجعان العرب، واستهانته بكل صعب، وما كان من امتداد عمره حتى ينيف على المائة، والرغبة في جعله ممن شهدوا صفين؛ ليكون أطول عمرًا. كل هذا كان بدافع الرغبة الشعبية في النزوع بهذه السير والذكريات إلى الأساطير المعجزة؛ لتكون من دواعي فخر الشعب وزهوه، وإرضاء منازع الفروسية الكامنة فيه، وتأكيد المثل العليا في الشجاعة والنجدة.
ويظهر ذلك جليًّا في التضارب الذي تحفل به الروايات التي تعلل قصائده؛ لربطها بأخبار فروسيته وشجاعته. ومن هذا القبيل أيضًا ما يذكر في أخبار أبي محجن الثقفي،

1 الطبري ج5/ 2528.
نام کتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام نویسنده : النعمان عبد المتعال القاضي    جلد : 1  صفحه : 272
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست