نام کتاب : زهر الآداب وثمر الألباب نویسنده : الحُصري القيرواني جلد : 1 صفحه : 324
وهو مع ذلك من قلوب الناس محبب، وإليهم مقرّب؛ إذ أمات ما أحياه الوائق من إظهار الاعتزال، وإقامة سوق الجدال.
قال محمد بن مكرم الكاتب: من زعم أن عبد الحميد أكتب من أبى العيناء إذا أحسّ بكرم، أو شرع في طمع، فقد ظلم.
كتب إلى أبى عبيد الله بن سليمان وقد نكبه وأباه المعتمد، وهما يطالبان بمال يبيعان له ما يمنكانه من عقار وأثاث وعبد وأمة، وقد أعطى بخادم أسود لعبيد الله خمسون دينارا:
قد علمت- أصلحك الله! - أن الكريم المنكوب أجرأ على الأحرار من اللئيم الموفور؛ لأنّ اللئيم يزيد مع النّعمة لؤما، والكريم لا يزيد مع المحنة إلّا كرما، هذا متّكل على رازقه، وهذا يسىء الظنّ بخالقه، وعبدك إلى ملك «كافور» فقير، وثمنه على ما اتّصل بى يسير؛ لأنه بخدمته السلطان يعرّفنى الرؤساء والإخوان؛ ولست بواجد ذلك في غيره من الغلمان؛ فإن سمحت به فتلك عادتك، وإن أمرت بأخذ ثمنه فمالك مادّتى، أدام الله دولتك، واستقبل بالنعمة نكبتك. فأمر له به.
وسمع ابن مكرم رجلا يقول: من ذهب بصره قلت حيلته، قال: ما أغفلك عن أبى العيناء! وكتب أبو العيناء إلى عبيد الله بن سليمان: أنا- أعزّك الله تعالى! - وولدى وعيالى زرع من زرعك، إن سقيته راع وزكا، وإن جفوته ذبل وذوى؛ وقد مستنى منك جفاء بعد برّ، وإغفال بعد تعاهد، حتى تكلّم عدوّ، وشمت حاسد، ولعبت بى ظنون رجال كنت بهم لاعبا، ولهم مجرّسا «1» ، ولله در أبى الأسود في قوله:
لا تهنّى بعد إذا أكرمتنى ... وشديد عادة منتزعه
فوقّع فى رقعته: أنا- أسعدك الله! - على الحال التي عهدت، وميلى إليك كما
نام کتاب : زهر الآداب وثمر الألباب نویسنده : الحُصري القيرواني جلد : 1 صفحه : 324