نام کتاب : زهر الآداب وثمر الألباب نویسنده : الحُصري القيرواني جلد : 1 صفحه : 323
واجد عليه بتقصير وقع منه في أمرى- فقلت: يا أمير المؤمنين، يد تسرق واست تضرط! وهو مثل اليهودىّ سرق نصف جزيته، فله إقدام بما أدى، وإحجام بما أبقى، إساءته طبيعة، وإحسانه تكلّف! قال: قد أردتك لمجالستى، قلت: لا أطيق ذاك، وما أقول ذلك جهلا بمالى في هذا المجلس من الشرف، ولكنى محجوب، والمحجوب تختلف عليه الإشارة، ويخفى عليه الإيماء، ويجوز أن يتكلّم بكلام غضبان ووجهك راض أو بكلام راض ووجهك غضبان، ومتى لم أميز بين هذين هلكت، قال: صدقت، ولكن تلزمنا، قلت: لزوم الفرض الواجب اللازم، فوصلنى بعشرة آلاف درهم.
ولأبى العيناء مع المتوكّل مجالس أدخل الرواة بعضها في بعض، وسأورد مستظرفها إن شاء الله:
قال له المتوكل يوما: يا أبا العيناء؛ لا تكثر الوقيعة في الناس، قال:
إن لى في بصرى لشغلا عن الوقيعة فيهم، قال: ذلك أشد لحيفك في أهل العافية! وقال له يوما: هل رأيت طالبيا حسن الوجه قطّ؟ فقال: يا أمير المؤمنين، أرأيت أحدا قطّ سأل ضريرا عن هذا؟ قال: لم تكن ضريرا فيما تقدم، وإنما سألتك عما سلف، قال: نعم، رأيت منهم ببغداد منذ ثلاثين سنة فتى ما رأيت أجمل منه، قال المتوكّل: تجده كان مؤاجرا، وتجدك كنت قوّادا عليه! فقال أبو العيناء: وفرغت لهذا يا أمير المؤمنين، أترانى أدع موالىّ على كثرتهم، وأقود على الغرباء؟ قال: اسكت يا مأبون؟ قال: مولى القوم منهم! قال المتوكل:
أردت أن أشتفى به منهم فاشتفى لهم منّى.
وكان أبو العيناء أحدّ الناس خاطرا، وأحضرهم نادرة، وأسرعهم جوابا، وأبلغهم خطابا.
والمتوكل أوّل من أظهر من خلفاء بنى العباس الانهماك على شهوته، وكان أصحابه يتسخّفون ويستخفون بحضرته، وكان يهاتر الجلساء، ويفاخر الرؤساء،
نام کتاب : زهر الآداب وثمر الألباب نویسنده : الحُصري القيرواني جلد : 1 صفحه : 323