نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 338
{إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [1].
فقد ذكر أن الماضي وإن كان يجري في باب الشرط مجرى المضارع في علم الإعراب، فإن فيه نكتة كأنه قيل: وودوا قبل كل شيء كفركم، وارتدادكم يعني أنهم يريدون أن يلحقوا بكم مضار الدنيا، والدين جميعا من قتل الأنفس وتمزيق الأعراض، وردكم كفارًا، وردكم كفارًا أسبق المضار عندهم، وأولها لعلمهم أن الدين أعز عليكم من أرواحكم؛ لأنكم باذلون لها دونه، والعدو أهم شيء أن يقصد أعز شيء عند أصحابه"، ورحم الله أبا القاسم ولو عاش في زماننا لرأى هم اليهود والنصارى، والزنادقة كالذي قال وينضم إليهم منا فريق من الذين فسقوا، وصاروا لطول فسوقهم كالمخنثين لا هم من المسلمين ولا من الكافرين، وقد تصديتهم خطاطيف الصهيونية، وهذه الخاطيف في عالمنا العربي الذي هزمته قياداته كخطاطيف النعمان التي وصفها النابغة خطاطيف حجن في حبال متينة.
وقد ذكر السكاكي أن الماضي يجيء مع إن لما ذكرنا، وللتعريض وذلك كقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [2]، فالغرض من الماضي التعريض بمن يشرك بعد إيمانه؛ لأنه من المقطوع به أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لن يشرك أبدا، وما أشرك قبل النبوة فكيف بعدها، وفضل هذا الأسلوب على أسلوب التصريح، وأنه لم يقل: لئن أشركتم ليحبطن عملكم أن فيه أبلغية في النسبة إليهم؛ لأن المعنى: إذا كان محمد وهو الحبيب المقرب يحبط عمله إن أشرك فكيف بغيره، ثم فيه تبلغيهم الموعظة من طريق غير مباشر، وهذا أفعل في النفوس وأعطف لها.
ومثله قوله تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [3]، فاتباع سيدنا محمد صلوات الله عليه وسلامه [1] الممتحنة: 2. [2] الزمر: 65. [3] البقرة: 145.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 338