نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 332
وإن نزلنا حريمه فلنا ... هناك أمن الحمام في حرمه
ولا أرى لإن في البيت الثاني دلالة أكثر من مجرد الربط أيضا إلا إذا قلنا: إن البحتري يهيج الممدوح، ويستحثه في الإقبال عليهم وذلك بقوله: إننا نادرًا ما ننزل حريمك يعني ديارك، وإذا قلت: إن ما قالوه في إن وإذا هو ما يكون في أكثر، وأغلب مواقعهما وأنهما في النادر يكونان لمجرد الربط من غير دلالة على أن الأمر مقبطوع به مع "إذا"، ونادر مع "إن" لم تبعد عن الصواب.
أو قلت: إن مجيئهما لمجرد الربط ناظر إلى استعمال قديم قبل أن تتحدد دلالة كل بما تحددت به، وأغراني بهذا القول المخالف أني رأيت التبريزي يقول في بعض استعملات أبي تمام الغريبة، يقول: لعله قرأها في كلام قديم، وقد سمعت مثله
من شيخنا محمود محمد شاكر فيما خالف فيه النحاة الفرزدق، وكان يوافق
الفرزدق، ويقول كلاما معناه هذا في طبع العربية لم يعرفه النحاة، وهو قائم في سليقة الفرزدق.
ومن الشواهد المتداولة في استعمال "إن" في الشرط المقطوع به لمغزى بلاغي قوله تعالى: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} [1]، فكونهم قوما مسرفين حقيقة متقررة، وقد استعملت "إن" في هذا الحكم المقطوع به؛ لأن المراد توبيخهم على الإسراف، وتصوير أن المقام لاشتماله على ما يقلع الشرط من أصله لا يصلح، إلا لفرضه كما يفرض المحال -هذه عبارتهم- ومرادهم
بالمقام أي ما يحيط بهؤلاء المسرفين من آيات الله البينات في الكون، والنفس والقرآن، كل ذلك إذا أحسنوا تدبره يقتلع الشرط من أصله أي الإسراف في العناد والكفر.
وتأمل عبارتهم تجد فيها من الإتقان، والجزالة ما تعيا به أقلامنا. [1] الزخرف: 5.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 332