responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى    جلد : 1  صفحه : 147
شجاعتهم، وقد استطردت إلى ذلك كما قلت لأشير إلى قدرة هذه الخصوصية على الإثارة، واستجابتها إلى الخيال في هذا الزمن القديم، فقد ذكر المحققون أن جذيمة عاش بين 480-350 قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد درس هذه الأبيات شيخ العربية العلامة: محمود محمد شاكر في كتابه "الفرقان" الذي سماه "أباطيل وأسمار".
ومن مزايا هذه الخصوصة، فوق التوسع في بناء العبارة، وملاحظة الملابسات على مقتضيات الخيال، أنك تجد الأسلوب معه أعذب لفظا، وأحسن موقعا وأملا بالفائدة، وانظر إلى قولنا: كرم زيد أصلا، وحسن وجها، وضاق صدرًا وتصبب عرقا، وما جرى على هذه الطريقة، تجدك قد وصفت زيدا بالكرم، ثم أشرت بكلمة أصل ووقوعها تمييزا إلى مرادك، وأنك تقصد كرم أصله، ولكن بعد ما أوقعت في النفس وصفه بالكرم، وهكذا بقية الأمثلة.
ويتضح الفرق بالعودة بالإسناد إلى أصله الحقيقي في هذه الأمثلة تقول: كرم أصل زيد وحسن وجهه، وتصبب عرقه وضاق صدره، فتجد فرقا في جوهر المعنى، وفي بناء صورته.
ويجب أن نذكر أننا لا نستطيع أن نفسر كل أسباب الحسن في العبارة؛ لأن ذلك لا يقدر عليه أحد، فالمزايا تتأبى على التعليل المستقصى، والشرح الكاشف، وهناك مكامن تكمن فيها أسباب الخلابة في العبارة، وتستتر في مطوايها آيات الحسن، ونؤخذ بها ولا نستطيع بيانها، وكأنها السحر المخبوء الذي يحسونه في البيان، وهذه آية من آيات الجمال في كل صورة، لا تستطيع أن تفسر كل ما يقع في نفسك حين تملأ عينيك، وقلبك بالنظر في وجه طفل واداع بريء، ولا تستطيع أن تشرح لنا مراجع الحسن، والخلابة التي تستهويك، وتسحرك في رشاقة ظبي غرير، وكل ذلك من باب واحد، وحين نتكلم في مراجع المزية إنما نصف ما يظهر لنا ونستطيع لمحة فيها، نحن ننبه فقط إلى ما تنبه إليه حسنا، والناس في ذلك متفاوتون، ويبقى بعد كل جهد أمور تدركها المعرفة، ولا تحيط بها الصفة، كما يقول أهل الذوق.

نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى    جلد : 1  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست