responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى    جلد : 1  صفحه : 146
في الوجود، فالسيوف تحمي والخروق تسقي، والنهار يصوم واليل يقوم، وهذا يمتعنا بطرف من الخيال.
ثم إننا نجد وراء ذلك دلالة على توكيد العلاقات، والملابسات وإبرازها، كتوكيد السببية في مثل قولهم: جمعتهم الطاعة، وفرقتهم المعصية، فإن هذا الأسلوب أدل على بيان أهمية الطاعة، وسببيتها في بقاء القوم مجتمعين ناعمين، وأدل كذلك على بيان خطر المعصية، وسببيتها في تفريق جمعهم، وذهاب شملهم من قولنا: اجتمع شملهم سببب طاعتهم، وتفرق جمعهم بسب معصيتهم, ومثل ذلك تجده في قولهم: "أذل الحرص أعناق الرجال"، فإنه تأكيد لسببية الحرص في الإذلال من حيث كان الحرص هو الفاعل، وهذا أبين في ذم الحرص من قولك: أذل الله أعناق الرجال بسبب الحرص، وقولك: تخطفهم الطريق أدل على كثرة المتخطفين في الطريق الفزع، حتى ليخيل إلينا مع هذا التعبير أن المتخطفين يكمنون في موضع كل قدم، ولا تجد شيئا من هذا لو قلت: تخطفتهم السباع، أو المهلكات في الطريق.
وقد تنبه أصحاب اللغة إلى دلالة هذه الخصوصة، فاصطنعوها في التعبير عن نفوسهم، فرويت إلينا مع أقدم شعر عرفناه إلى الآن في هذا الأدب، ويرجع إلى ما قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة قرون ونصف، خلافا للمشهور من أقوال مؤرخي الأدب، فجذيمة الأبرش يقول في اعتذار ذكي لماح عن اغتيال حسان بن تبع لفتية من أصحابه كان قد غزا بهم جذيمة طسم، وجديس:
ثم أبنا غانمين مَعًا ... وأناس بعدنا ماتوا
نحن كنا في ممرهم ... إذ ممر القوم خوات
والخوت من قولهم: خاتت العقاب على الشيء، واختاتت أي تنقضت، والممر الخوات أي الطريق الذي يختطف السائرين فيه أي الذي تتخطف مهلكاته السائرين، فأسند جذيمة التخوت إلى الطريق؛ لبيان أنه طريق موبق، وكأن أرضه هي التي تنقص السائرين، فلا لوم على هؤلاء الفتية، ولا قدح في

نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى    جلد : 1  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست