826 قال ابن سلام: "فأخبرني أهل العلم من أهل [المدينة] أن قدامة بن موسى [بن عمر بن قدامة] بن مظعون الجمحي قالها ونحلها [أبا سفيان، وقريش] ترويه في أشعارها تريد بذلك الأنصار، والرد على حسان".
827 أخبرنا عبيد الله بن أحمد النحوي قال: أخبرنا ابن دريد قال أخبرنا أبو عثمان الأشنانداني عن التوزي قال: قال رجل لأبي عبيدة: قال المفضل: إن ابن دأب [يقول] : هو والله ينبح، إلا أنه أغمض مسلكاً.
728 أخبرني عبد الله بن جعفر قال أخبرني محمد بن يزيد قال أخبرنا المازني قال أخبرنا أبو عبيدة قال حدثني يونس بن حبيب قال سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول:
"ما زدت في أشعار العرب إلا هذا البيت" [بسيط] :
وأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصلعا
قال أبو عبيدة، وسمعت بشاراً ينكره، ويقول ما يشبه كلام الأعشى قال أبو عمرو: والله ما كذبت قط في شيء، إلا في هذا البيت، ولو سئلت عنه لصدقت، قال المفضل _وكان حاضراً مجلسه_: قد كنت أسمع بهذا البيت في القصيدة، ولكنك الصادق البر، كثر الله في أهل العلم مثلك.
باب
الإغارة
829 وهو أن يسمع الشاعر المفلق، والفحل المتقدم، الأبيات الرائعة، ندرت لشاعر في عصره، وباينت مذاهبه في أمثالها من شعره، ويكون بمذهب ذلك الشاعر المغير أليق، وبكلامه أعلق، فيغير عليها مصافحة، ويستنزل شاعرها عنها قسراً، بفضل [الإغارة] فيسلمها إليه، اعتماداً لسلمه، ومراقبة لحربه، وعجزاً عن مساجلة [يمينه] وهذه [كأنها] مشاكلة الفرزدق، فلما استمرت له الإغارة من شعر جميل وغيره، فإنه عاور في عصره جماعة من الشعراء على قطع من أشعارهم، جرت في أساليب كلامه، وشاركه سطوها بارع نظامه، فسلموها إليه عنوة، وصفحا عنها نكولاً عنه، ورهبة، وسأورد من ذلك ما يوضح برهان الحق فيه، بحول الله وقوته.
830 أخبرنا علي بن هرون [علي بن] أبي غسان قال: أخبرنا [أبو خليفة أبو الفضل بن الحباب] الجمحي عن محمد بن سلام قال: "أخبرنا أبو يحيى الضبي قال: قال ذو الرمة: لقيت الفرزدق يوماً فقلت له: لقد قلت أبياتاً، إن لها لعروضاً، وإن لها لمراداً، ومعنى بعيداً، فقال لي: ما قلت؟ قلت: قلت [طويل] :
أحين أعاذت بني تميم نساءها ... وجردت تجريد اليماني من الغمد
ومدت بضبعي الرباب ومالك ... وعمر وشالت من ورائي بنو سعد
ومن آل يربوع زهاء كأنه ... دجى الليل محمود النكاية والورد
فقال له الفرزدق: لا تعودن بها، فأنا أحق بها منك فقال: والله لا أعود فيها أبداً، وما أرويها إلا لك، فهي في قصيدة الفرزدق التي يقول فيها:
وكنا إذا القسي نب عتوده ... ضربناه فوق الاثنين على الكرد
831 أخبرنا [حماد] بن إسحاق عن أبيه عن أبي سهيل قال: أخبرنا بعض أصحابنا أن الفرزدق وقف على [الشمردل] اليربوعي [وهو] ينشد لنفسه [طويل] :
وما بين من لم يعط سمعاً وطاعة ... وبين تميم غير جز الغلاصم
فقال الفرزدق: "لتتركنه، أو لتتركن عرضك" فقال الشمردل له، "خذه، لا بارك الله لك فيه" فهو في قصيدته التي أولها [طويل] :
تحن إلى زور اليمامة ناقتي ... حنين عجول تبتغي البورائم
التي يهجو فيها جريراً.
832 أخبرني عيسى بن عبد العزيز عن الدمشقي قال: أخبرني الزبير بن بكار قال: حدثني شيخ من بني ليث عن محمد بن الربيع بن أبي جهمة الجندعي، أن أباه مر على كثير بالروخاء وهو ينشد [طويل] :
وكنت كذي رجلين رجل صحيحة ... ورجل رمى فيها الزمان فشلت.
فقال: ويحك يا ابن أبي جمعة هذا والله لصاحبنا أمية بن أبي الأسكر، فقال هو والله ذلك [يا] ابن أبي جهمة [إنما] أنا أحظى به منه.
833 أخبرنا أبو أحمد عيسى بن عبد العزيز الطاهري قال: أخبرني الدمشقي قال حدثني الزبير عن عبد الله بن عمران مولى قرة عن أبيه قال: كنت مع الأحوص بقباء، فمر علينا موسى شهوات، فأنشدنا قصيدة له على الراء أحسن فيها حتى مر بهذا البيت [خفيف] :
وكذاك الزمان يذهب بالن ... اس، وتبقى الديار والآثار
فقال الأحوص على رويها _مكانه_ قصيدة أولها [خفيف] :
ضوء نار بدا لعينيك أم شب ... ت بذي الأثل من سلامة نار