على هيكل يعطيك قبل سؤاله ... أفانين جري غير كز ولا وان
قال: وقال لي قائل: ما اشتملت عليه، لفظة "أفانين" مما، لو عد لكان كثيراً، وما اقترن بها من جميع أصناف الجودة طوعاً، عن غير طلب، ولا مسألة، ثم نفى عنه الكزازة والوني، وهما، أكبر معائب الخيل التي يرتبطها الفرسان للمنازل.
أبدع أبيات المطابقة
19 قال أبو علي: أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين القرشي، قال: قلت لأبي الحسن علي بن سليمان الأخفش- وكان أعلم من شاهدته، بالشعر-: أجد قوماً يخالفون في الطباق، فطائفة تزعم - والأكثر-: بأنه ذكر الشيء وضده، فيجمعهما اللفظ فهماً، لا المعنى، وطائفة تخالف ذلك فتقول: هو اشتراك المعنيين في لفظ واحد كقول زياد الأعجم
أبدع أبيات المطابقة
19 قال أبو علي: أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين القرشي، قال: قلت لأبي الحسن علي بن سليمان الأخفش- وكان أعلم من شاهدته، بالشعر-: أجد قوماً يخالفون في الطباق، فطائفة تزعم -والأكثر-: بأنه ذكر الشيء وضده، فيجمعهما اللفظ فهماً، لا المعنى، وطائفة تخالف ذلك فتقول: هو اشتراك المعنيين في لفظ واحد كقول زياد الأعجم طويل:
ونبئهم يستنصرون بكاهل ... وللؤم فيهم كاهل وسنام
فقوله "كاهل" للقبيلة، وقوله "كاهل" للعضو عندهم، هو المطابقة، قال فقال الأخفش: من هذا الذي يقول هذا؟ قلت: قدامة، وغيره، فأما قدامة فقد أنشد بسيط:
وأقطع الهوجل مستأنساً ... بهوجل عيرانة عنتريس
-هوجل: واسعة السير- فقال: هذا يا بني هو التنجيس، ومن زعم أنه طباق، فقد ادعى خلافاً على الخليل والأصمعي فقيل: أفكانا يعرفان هذا! فقال: سبحان الله!! وهل غيرهما في علم الشعر، وتمييز خبيثه من طيبه!؟.
قلت: فأنشدني أحسن طباق للعرب، قال: قول عبد الله بن الزبير الأسدي وافراً:
رمى الحدثان نسوة آل حرب ... بمقدار سمدن له سموداً
فرد شعورهن السود بيضا ... ورد وجوههن البيض سودا
وقول طفيل الغنوي يصف فرساً بسيط:
بساهم الوجه لم تقطع أباجله ... يصان وهو ليوم الروع مبذول
20- قال أبو الفرج علي بن الحسين القرشي -وهو الناقل عن الأخفش-: وأنا أقول إن أحسن بيت في الطباق قول الشاعر بسيط:
للسود في السود آثار تركن بها ... لمعاً من البيض يثني أعين البيض
21- قال أبو علي: ومن بديع الطباق قول عمرو بن كلثوم وافر:
فإنا نورد الرايات بيضاً ... ونصدرهن حمراً قد روينا
قال أبو علي: فطابق بين الإيراد والإصدار، والبياض الحمرة، ولو اتفق لعمرو بن كلثوم تقابل الري بالظماء، لكان أبرع بيت قالته العرب في الطباق.
22- قال أبو علي: وقد أخذ هذا أبو الشيص فاستوفى المعنى فقال طويل:
فأوردها بيضاً ظماء صدورها ... واصدرها بالري ألوانها حمر
23- قال أبو علي: وأخبرنا عبيد الله بن أحمد بن دريد، عن أبي حاتم، قال سألت الأصمعي عن صنعة الشعر، فذكر في بعض قوله: المطابقة، وقال: أصلها وضع الرجل موضع اليد، وأنشد متقارب:
وخيل يطابق بالدراعين ... طباق الكلاب يطأن الهراسا
قال: فقلت: أنشدني أحسن بيتٍ قالته العرب في الطباق، فقال قول زهير بن أبي سلمى بسيط:
ليث بعثر يصطاد الرجال إذا ... ما كذب الليث عن أقراه صدقا
وقول الفرزدق كامل:
يستيقظون إلى نهاق حميرهم ... وتنام أعينهم عن الأوتار
لعن الإله بني كليب إنهم ... لا يغدرون ولا يفون لجار
وإنما أخذه من قول ثمامة بن المحير الذهلي بسيط:
قوم تنام عن الأوتار أعينهم ... ولا تنام نوكاهم عن السرق.
قال: فقال الأصمعي: لا أعرف طباقاً أحسن من هذين.
أحسن ما قيل في المجانسة
وهي اتفاق اللفظ واختلاف المعنى
24 قال أبو علي: أخبرني علي بن هارون المنجم، قال: سألت أن أحسن ما ورد من ذلك للعرب، قول ذي الرمة طويل:
كأن البري والعاج عيجت متونها ... على عشر نهى به السيل أبطح
25 قال الحاتمي: وأنا أقول: من بديع التجنيس قول جرير وافر:
كأنك لم تسر ببلاد نعم ... ولم تنظر بناظرة الخياما
وقول الآخر طويل:
وما زال معقولاً عقال عن الندى ... وما زال محبوساً عن الخير حابس