responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت    جلد : 2  صفحه : 471
الفاسق في بطنه، المأبون[1] في فرجه؛ فخالف القرآن، واتبع الكهان، ونادم القرد، وعمل بما يشتهيه، حتى مضى على ذلك لعنه الله، وفعل به وفعل، ثم ولى مروان بن الحكم، طريد لعين رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله وابن لعينه، فاسق في بطنه وفرجه، فالعنوه والعنوا آباءه.
ثم تداولها بنو مروان بعده، أهل بيت اللعنة، طرداء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله، وقوم من الطلقاء، ليسوا من المهاجرين والأنصار، ولا التابعين بإحسان؛ فأكلوا مال الله أكلًا، ولعبوا بدين الله لعبًا، واتخذوا عباد الله عبيدًا، يورث ذلك الأكبر منهم الأصغر، فيا لها أمة! ما أضيعها وأضعفها! والحمد لله رب العالمين، ثم مضوا على ذلك من سيء أعمالهم، واستخفافهم بكتاب الله تعالى، قد نبذوه وراء ظهورهم لعنهم الله، فالعنوهم كما يستحقون، وقد ولي منهم عمر بن عبد العزيز؛ فبلغ ولم يكد وعجز عن الذي أظهره حتى مضى لسبيله -ولم يذكره بخبر ولا شر-.
ثم ولي يزيد بن عبد الملك، غلام ضعيف سفيه، غير مأمون على شيء من أمور المسلمين، لم يبلغ أشده[2]، ولم يؤنس رشده، وقد قال الله عز وجل: {فَإِنْ آنَسْتُمْ

= أهل الكوفة أربعمائة ألف دينار جباية وجعلها في خزائن بيت المال؛ فرحل ذلك الرجل من الكوفة، وقصد دمشق ليشكو حاله إلى يزيد، وكانت دمشق في تلك الأيام فيها سرير الملك -فلما وصل إلى ظاهر دمشق سأل عن يزيد فعرفوه أنه في الصيد، فكره أن يدخل دمشق، وليس يزيد حاضرا فيها؛ فضرب مخيمه ظاهر المدينة، وأقام به ينتظر عود يزيد من الصيد؛ فبينما هو في بعض الأيام جالس في خيمته، لم يشعر إلا بكلبة قد دخلت عليه، وفي قوائمها الأساور من الذهب، وعليها جل يساوي مبلغًا كبيرًا، وقد بلغ منها العطش والتعب، وكادت تموت، فعلم أنها ليزيد وأنها قد شذت منه، فقام إليها وقدم لها ماء وتعهدها بنفسه، فما شعر إلا بشاب حسن الصورة على فرس جميل، وعليه زي الملوك؛ وقد علته غبرة، فقام إليه، وسلم عليه، فقال له أرأيت كلبة عابرة بهذا الموضع؟ فقال: نعم يا مولانا، ها هي في الخيمة، قد شربت ماء واستراحت وقد كانت على غاية من العطش والتعب، فلما سمع يزيد كلامه نزل ودخل الخيمة، ونظر إلى الكلبة وقد استراحت، فجذب بحبلها ليخرج، فشكا الرجل إليه حاله وعرفه ما أخذ منه ابن زياد، فطلب دواة وكتب إليه برد ماله وخلعة سنية، وأخذ الكلبة وخرج، فرد الرجل من ساعته إلى الكوفة، ولم يدخل دمشق.
[1] أبنه بشيء كنصر وضرب: اتهمه، فهو مأبون، بخير أو شر، فإن أطلقت فقلت مأبون فهو للشر والأبنة كعقدة: العيب.
[2] بلغ أشده: أي قوته، وهو ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة، وقد اختلفت المؤرخون في مقدار سن يزيد؛ فقيل إنه توفي وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وقيل ابن سبع وثلاثين، وكانت ولايته أربع سنين وشهرًا، والمراد أنه لم يبلغ أشده لسفهه وعكوفه على اللذات والشهوات.
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت    جلد : 2  صفحه : 471
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست