responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت    جلد : 2  صفحه : 431
حمد الله، وأثنى عليه، وصلى على نبيه ثم قال: "أما بعد: فإني كنت أتدهدى، في غمرة،[1] وأعوم في بحر غواية، أخنى علي خطلها، واستفزني وهلها[2]، فتحيرت في الضلالة، وتسكعت في الجهالة، مهرعًا عن الحق، جائرًا عن القصد، أقول الباطل ضلالًا، وأفوه بالبهتان وبالًا، وهذا مقام العائذ، مبصر الهدى، ورافض العماية؛ فاغسل عني يا أمير المؤمنين الحوبة[3] بالتوبة، واصفح عن الزلة، واعف عن الجرمة4"، ثم قال:
كم قال قائلكم لعًا ... لك عند عثرته لعاثر5
وغفرتم لذوي الذنوب ... من الأكابر والأصاغر

= هو؟ قلن: في العراق ثم في الكوفة؛ فكتب إلى خالد عامله بالعراق: ابعث إلي برأس الكميت، فبعث إليه خالد في الليل؛ فأخذه وأودعه السجن، وعزم لينفذن أمر الخليفة فيهن وأعمل الكميت الحيلة في الفرار؛ فبعث إلى زوجه حبى "بضم ففتح الباء المشددة"؛ فلما دخلت عليه لبس ثيابها، وتنقب نقابها، وأقامها مكانه، وخرج متنكرًا، وظل متواريًا مدة، حتى إذا أيقن أن الطلب قد خف عنه، خرج ليلًا في جماعة من بني أسد، وما زال يسير حتى بلغ الشام؛ واستجار بمسلمة بن عبد الملك؛ فأجاره واحتال له في عفو الخليفة عنه، فقال له: إن معاوية بن هشام مات قريبًا؛ وقد جزع عليه جزعًا شديدًا، فإذا كان الليل فاضرب رواقك على قبره، وأنا أبعث إليك بنيه يكونون معك في الرواق، فإذا دعا بك تقدمت إليهم أن يربطوا ثيابهم بثيابك، ويقولوا: هذا استجار بقبر أبينا، ونحن أحقُّ من أجاره؛ فأصبح هشام على عادته متطلعًا من قصره إلى القبر، فقال: من هذا؟ قالوا: لعله مستجير بالقبر؛ فقال: يجاز من كان إلا الكميت فإنه لا جوار له، فقيل: فإنه الكميت، قال: يحضر أعنف إحضار؛ فلما دعي به ربط الصبيان ثيابهم بثيابه، فلما نظر هشام إليهم اغرورقت عيناه واستعبر، وهم يقولون: يا أمير المؤمنين استجار بقبر أبينا، وقد مات ومات حظُه من الدنيا، فاجعله هبة له ولنا؛ ولا تفضحنا فيمن استجار به، فبكى هشام حتى انتحب؛ ثم أقبل على الكميت؛ فقال له: يا كميت: أنت القائل كذا وكذا -مما أورده في هاشمياته؟ - فقال: لا والله؛ ولا أتان من أتن الحجاز وحشية؛ ثم خطب بين يديه يستعطفه، فعفا عنه وأجازه، وتوفي الكميت سنة 126هـ.
[1] دهدى الحجر فتدهدى: دحرجه، كدهده، والغمرة: الانهماك في الباطل، والشدة.
[2] الوهل: الضعف والفزع.
[3] الحوبة: الإثم.
4 الجرمة ككلمة: الجريمة.
5 يقال للعاثر: لعا لك، وهو دعاء له بأن ينتعش.
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت    جلد : 2  صفحه : 431
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست