نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 290
إني والله يا أهل العراق، ومعدن الشقاق والنفاق، ومساوئ الأخلاق، ما يقعقع لي بالشنان[1]، ولا يغمز جانبيّ كتغماز التين، ولقد فُرِرْتُ[2] عن ذكاء، وفُتِّشْتُ عن تجربة، وجريت إلى الغاية القصوى، وإن أمير المؤمنين -أطال الله بقاءه- نثر كنانته[3]، بين يديه، فعجم[4] عيدانها، فوجدني أمرَّها عودًا، وأصلبها مكسرًا[5] فرماكم بي؛ لأنكم طالما أوضعتم[6] في الفتن، واضطجعتم في مراقد الضلال، وسننتم سنن الغِيّ، أما والله لألحونكم[7] لحو العصا، ولأقرعنك قرع المروة[8]، ولأعصبنكم عصب السلمة[9]، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل[10]؛ فإنكم لكأهل قرية {كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} وإني والله لا أعدُ إلا وفيتُ، ولا أهم إلا أمضيتُ، ولا أخلَقُ إلا فَرَيْتُ[11]؛ فإياي وهذه الشفعاء، والزرافات[12] والجماعات، وقالًا وقيلًا[13]، وما تقول؟ وفيم أنتم وذاك؟ [1] القعقعة: تحريك الشيء اليابس الصلب مع صوت مثل السلاح وغيره، والشنان: جمع شَنّ بالفتح، وهو القربة البالية، وهم يحركونها إذا أرادوا حث الإبل على السير لتفزع فتسرع: مثل يضرب لمن لا يُرَوِّعُهُ ما لا حقيقة له، وقد تمثل به معاوية من قبله. [2] فر الدابة: فتح حنكها وكشف أسنانها لينظر سنها، وفر عن الأمر: بحث عنه. [3] الكنانة: جعبة السهام. وفي رواية: "كب كنانته" أي قلبها. [4] عجم العود: عضه ليعرف صلابته من خوره. [5] وفي رواية "وأصلبها عمودًا". [6] أوضع إيضاعًا: أسرع في سيره كوضع. [7] لحا العصا: قشر، وفي رواية: "لحو العود". [8] المرو: حجارة بيض براقة توري النار. [9] السلمة: شجر كثير الشوك. قال الجاحظ في البيان والتبيين "لأن الأشجار تعصب أغصانها، ثم تخبط بالعصى لسقوط الورق وهشيم العيدان" "3: 21". [10] قال الجاحظ أيضًا: "3: 27" "وهي تضرب عند الهرب، وعند الخلاط، وعند الحوض أشد الضرب" وقال الحارث بن صخر:
بضرب يزيل الهام عن سكناته ... كما ذيد عن ماء الحياض الغرائب [11] أخلق: أقدر، وفريت: قطعت. [12] الشفعاء جمع شفيع، وكانوا يجتمعون إلى السلطان فيشفعون في أصحاب الجرائم؛ فنهاهم عن ذلك، والزرافات جع زرافة بفتح الزاي وضمها: الجماعة من الناس. [13] القول في الخير، والقال، والقالة في الشر.
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 290