نام کتاب : تطور الأدب الحديث في مصر نویسنده : أحمد هيكل جلد : 1 صفحه : 349
البسيط والطويل والوافر، وما إليها من البحور ذات التفاعيل الكثيرة، والنبرة الخطابية والرنين العالي.
وهكذا جدد هؤلاء الشعراء في موسيقى الشعر، ولكن تجديداتهم -في جملتها- مل تكن مبتكرة كتجديداتهم في الأسلوب وطريقة الأداء، حيث كانت تجديداتهم في مجال موسيقى الشعر مبنية على أنماط عربية قديمة، بعضها قد سبق إليه المشارقة في العصر العباسي، وبعضها قد ابتكره الأندلسيون بعد ذلك بقليل، ففضل شعراء الاتجاه الابتداعي العاطفي هو في التفاتهم إلى هذه الينابيع الثرة للنغم الشعري، -وهي قوالب الموشحات- التي كانت قد أهملت، وأوشك أن يطمرها الزمن، برغم أنها تستطيع مد موسيقى الشعر العربي دائمًا بما لا يحد من ألحان منوعة، تحول دون الرتابة التي قد تترتب على التزام الوزن المضطرد والقافية الملتزمة، كما تحول دون النثرية التي تتبع إهمال الوزن والقافية، والتمرد عليهما تمامًا.
على أننا إذا أردنا أن نتلمس إضافات شعراء هذا الاتجاه، إلى هذه القوالب الموسيقية المسبوقة، فإننا لن نخطئ بعض هذه الإضافات؛ ففي قالب القصيدة الموحدة نجد بعضهم يستخدم بحورًا قديمة، ولكن في صورة لم يألفها الشعر العربي، ولم يقرها العروضيون، كاستخدام بحر في تفعيلة واحدة من تفاعيله لكل شطرة، ومن ذلك قول أبي شادي في قصيدة له عن "الأمل":
يا أمل ... يا أمل
يا هدى ... من عمل
يا حلى ... للبطل
يا قوي ... في الجلل1
إلى آخر القصيدة التي تتألف كل شطرة من شطراتها من تفعيلة واحدة هي "فاعلن".. وكاستخدام بحر في مجموعة تفاعيله التامة، دون رضوخ لما يشترط فيها من بعض الحذف الذي لاحظه العروضيون على المأثور من شعر
1 انظر: ديوان الشفق الباكي لأحمد أبي شادي ص819-820.
نام کتاب : تطور الأدب الحديث في مصر نویسنده : أحمد هيكل جلد : 1 صفحه : 349