نام کتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 72
حماسة أبي تمام
وقد خالف أبو تمام (- 231) في تأليف كتاب " الحماسة " هذه الروح المتوجهة نحو الشعر المحدث، لأن ما أورده في كتابه من شعر المحدثين قليل، ولا ريب في أن موقفه يثير إعجابنا ودهشتنا معاً، فهو شاعر ذو طريقة خاصة في الشعر يهاجمها كثير من النقاد والمتذوقين حينئذ. فلا يحاول أن يدافع عن هذه الطريقة بالتعصب لما قاربها أو أشبهها من شعر معاصريه وإنما هو يعمد إلى الشعر القديم، فيستخرج منه من المقطعات التي يحتاج إلى إثباتها إلى تذوق أصيل. معرضاً عن القصيدة في الأكثر. وقد دلت مختاراته على أنه يستطيع أن يتجاوز طريقته الشعرية وما فيها من طلب للصور ومن إغراب في توليد المعاني واستغلال للذكاء الواعي إلى شعر مشمول بالبساطة وشيء غير قليل من العفوية والصدق العاطفي المباشر، ثم أن لا يطلب ذلك فيما " ذله " العلماء من شعر المشهورين، وإنما يعمد - في الأغلب - إلى أناس مغمورين من شعراء الجاهلية والإسلام، دون مثال يحتذيه سوى الاعتماد على الذوق الذاتي. فأن المفضل الضبي والأصمعي من قبله إنما عمدا في اختيارهما إلى القصيدة، معتمدين على ما كانت الرواة قد استخرجته ونوهت به من شعر المقلين، فكان أبو تمام بذلك رائداً كثر مقلدوه دون أن يبلغوا شأوه. وقد أتيح له أن يهتدي إلى ابتكار جزئي حين جمع ضروباً من الفنون الشعرية - مثل وصف المعركة، والفخر بالشجاعة. وذكر الفرار من الحرب؟ الخ - تحت فن جديد سماه " الحماسة " وبه سمي الكتاب كله. وقد كان البون بعيداً حقاً بين اختيار أبي تمام وطريقته الشعرية. ولكن بدلاً من أن يلمح بعض النقاد أصالة الذوق المنصف لديه اتهموه بأنه طوى أكثر ما أحسنت فيه الشعراء ولم يدرجه في الحماسة وأبقاه لديه ليسرق معانيه منه فتخفى سرقاته من النقاد [1] . [1] هذه التهمة وجهها له أبن المعتز (الموشح: 478) ، وقد حاول أبن الأثير من بعد إنصاف أبي تمام فتحدث عن براعته في الاختيار وعن المآخذ القليلة التي وجدها في الحماسة (راجع الفصل الخاص بالنقد في مصر والشام والعراق أثناء القرن السابع) .
نام کتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 72