نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 73
يثيرهم كسَبْي نسائهم وهم بعيد عن الحي؛ فكانوا يركبون وراءهن كل وعر حتى يلحقوا بهن وينقذوهن ويغسلوا عار سبيهن عنهم، وهو عار عندهم ليس فوقه عار.
وكانوا يصحبونهن معهم في الحرب، وكن يشددن من عزائمهم بما ينشدن من أناشيد حماسية؛ حتى إذا قتل فارس ندبنه ندبًا حارًّا حاضات على الأخذ بثأره والانتقام من قتلته. وتلمع في هذا الجانب أسماء كثيرات على رأسهن الخنساء ومراثيها في أخويها صخر ومعاوية مشهورة. وكن يستشطن غضبًا إذا رضيت العشيرة بأخذ الدية. حقنًا للدماء. على نحو ما تصور ذلك كبشة أخت عمرو بن معد يكرب، وقد قتل أخ لها1
فإن أنتم لم تثأروا واتَّدَيْتُمُ ... فمشوا بآذان النعام المصلم2
فهي ترى أن عشيرتها إن قبلت الدية في أخيها أعطت عن يد وهي صاغرة صغار الأسرى الذين تجدع آذانهم، بل صغار النعام المصلم المقطوعة آذانه، وتقول أم عمرو بنت وقدان في أخ لها قتل وقد فكرت عشيرتها في قبول ديته3:
إن أنتم لم تطلبوا بأخيكم ... فذروا السلاح ووحشوا بالأبرق.
وخذوا المكاحل والمجاسد والبسوا ... نُقب النساء فبئس رهط المرهق[4].
فهم إن لم يثأروا لأخيها حق عليهم أن يلقوا السلاح ويمضوا على وجوههم إلى مكان بعيد بالأبرق، فيتزيوا بزي النساء، ويتعطروا ويتزينوا بزينتهن. وكانوا يفرون من الحرب حين لا يكون من الفرار بد؛ إلا أن تكون معهم النساء ويرونهن فارات وقد حسرن عن وجوههن، حينئذ يثبتون في المعركة ويناضلون حتى الذماء الأخير[5].
وكان جمالهن يثيرهم، وينطق ألسنتهم بوصفه ووصف ما كن يتزين به من
1 المرزوقي 1/ 218 وقارن بالأصمعيات ص 157.
2 اتَّديتم: أخذتم الدية. وآذان النعام مصلمة خلقة.
3 المرزوقي 3/ 1546. [4] المجاسد: جمع مجسد وهو الثوب المشبع صبغة والنُقب: جمع نُقبة، وهي إزار للمرأة. [5] المرزوقي 1/ 177.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 73