نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 38
الفصل الثاني: العصر الجاهلي
1- تحديد العصر
قد يتبادر إلى الأذهان أن العصر الجاهلي يشمل كل ما سبق الإسلام من حقب وأزمنة؛ فهو يدل على الأطوار التاريخية للجزيرة العربية في عصورها القديمة قبل الميلاد وبعده. ولكن من يبحثون في الأدب الجاهلي لا يتسعون في الزمن به هذا الاتساع؛ إذ لا يتغلغلون به إلى ما وراء قرن ونصف من البعثة النبوية؛ بل يكتفون بهذه الحقبة الزمنية، وهي الحقبة التي تكاملت للغة العربية منذ أوائلها خصائصها، والتي جاءنا عنها الشعر الجاهلي. ولاحظ ذلك الجاحظ بوضوح إذ قال: "أما الشعر العربي فحديث الميلاد صغير السن، أول من نهج سبيله وسهل الطريق إليه امرؤ القيس بن حجر ومهلهل بن ربيعة.. فإذا استظهرنا الشعر وجدنا له -إلى أن جاء الله بالإسلام- خمسين ومائة عام، وإذا استظهرنا بغاية الاستظهار فمائتي عام"[1]. وهي ملاحظة دقيقة؛ لأن ما قبل هذا التاريخ في الشعر العربي مجهول، ونفس تاريخ العرب الشماليين يشوبه الغموض منذ قضى الرومان على دولتيهم في بطرا وتدمر؛ إلا بعض أخبار فارسية وبيزنطية قليلة وبعض نقوش عثر عليها علماء الساميات، وتشير تلك النقوش والأخبار إلى إمارات الغساسنة في الشام والمناذرة في الحيرة ومملكة كندة في شمالي نجد؛ غير أن معلوماتنا عن هذه الإمارات فيما وراء القرن السادس الميلادي محدودة، وهي إنما تتضح في العصر الجاهلي الذي نتحدث عنه؛ إذ حمل إلينا العرب كثيرًا من الأخبار عن تلك الإمارات وأمرائها الذين كانوا يستولون فيها على الحكم، كما حملوا إلينا كثيرًا من [1] الحيوان للجاحظ "طبعة الحلبي" 1/ 74.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 38