responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 317
الصوف المتساقط من هوادجهن ورحالهن كأنه حب الفنا، حتى إذا انتهين إلى الماء الذي يطلبنه والمرعى الذي يلتمسنه ألقين مع عشائرهن عصا الترحال. وكان زهير يبدع في مثل هذا التصوير الذي يعرض به عرضًا حيًّا مليئًا بالحركة ظُعن صواحبه، وهي ترحل في الصحراء تلك الرحلة الدائبة، ومعها العشائر، طلبًا للآبار ومساقط الغيث والكلأ. وهو تصوير للتصوير فحسب؛ فليس فيه وصف حب، إلا ما قد يأتي عفوًا أو عرضًا كالبيت الرابع من هذه القطعة، وكان حريًّا به أن يقف ليصور جمال هؤلاء النساء وأثره في نفسه وفي الشباب من حوله؛ غير أن ذلك لم يكن يعنيه، إنما كان يعنيه الوصف للوصف؛ فهو يصور قدرته الفنية لا عواطفه ولا مشاعره. ومن غير شك كان يحسن الوصف والتصوير لا بما يسوقه من صور بيانية فحسب؛ بل بما يعمد إليه من رسم دقائق المنظر الذي يصفه وبما يبث فيه من حياة وحركة.
ولزهير هجاء في بعض القبائل التي كانت تغير على عشيرته، وخاصة في الحارث بن ورقاء أحد بني أسد الذي أغار على قبيلته ونهب غلامه يسارًا وبعض أمواله، وهو فيما صح من هذا الهجاء لا يوغل في الإقذاع وهتك الأعراض إيغال أستاذه أوس والجاهليين من حوله؛ بل يبقى على مهجوه وعلى نفسه، عامدًا إلى السخرية كقوله في عشيرة حِصن من بني عُلَيْم الكلبيين:
وما أدري وسوف إخالُ أدري ... أقوم آلُ حِصْنٍ أم نساءُ
فإن قالوا النساءُ مخبَّآتٍ ... فحُقَّ لكل محصنة هِدَاءُ1
فهن نساء خُبِّئْن في الخدور، وينبغي أن يزوَّجن. وهي سخرية مرة، تحمل كل يريد من وصفهم بالجبن: وكان يجد في مثلها ما يكفيه على الإقذاع المفحش. وكأنما كان الإقذاع لا يتفق ووقاره، فتحاشاه؛ بينما كان أستاذه أوس من جهة وتلميذه الحطيئة من جهة ثانية يقذعان فيه، وقد استعار منه تلميذه هذه الأداة أداة السخرية فأشاعها في أهاجيه على شاكلة قول المشهور في الزبرقان
ابن بدر:

1 الهداء: الزفاف.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست