responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 315
عقد انقطع سلكه. وبهاتين الصورتين البديعتين صور زهير الدموع، وهي ليست دموع حب؛ وإنما كل ما في الأمر أنه شاعر يعرف كيف يصور دموع الحب. وبهذا القياس نفسه تصويره لأسماء في قوله:
قامَت تَراءى بِذي ضالٍ لِتَحزُنَني ... وَلا مَحالَةَ أَن يَشتاقَ مَن عَشِقا1
بِجيدِ مُغزِلَةٍ أَدماءَ خاذِلَةٍ ... مِنَ الظِباءِ تُراعي شادِنًا خَرِقا2
كَأَنَّ ريقَتَها بَعدَ الكَرى اِغتُبِقَت ... مِن طَيِّبِ الراحِ لَمّا يَعدُ أَن عَتُقا3
شَجَّ السُقاةُ عَلى ناجودِها شَبِمًا ... مِن ماءِ لينَةَ لا طَرقًا وَلا رَنِقا4
فهو يصور جيدها بجيد ظبية بيضاء، امتلأ قلبها بحب ابنها؛ فهي عاكفة عليه، كما يصور ريقها بخمر معتقة مزجت بالماء لشدتها وحدتها. وهما صورتان أريدتا لأنفسهما، أو بعبارة أخرى رسمهما زهير ليدل سامعيه على قدرته في التصوير، أما بعد ذلك فلا عاطفة ولا حبّ حقيقي، ولذلك يكرر دائمًا أن قلبه صحا عن حبه، وأنه راجع نفسه فكفت عن الهوى وما يتبع الهوى، على شاكلة قوله:
لقد طالبتُها ولكل شيء ... وإن طالتْ لجاجته انتهاء
فهو ليس من العشاق ولا ممن يشغلون أنفسهم بالغزل وبيان لوعة الحب؛ وإنما هو يتحدث في ذلك مترسمًا سننًا موضوعة كي يظهر قدرته على التصوير الفني. ولعله من أجل ذلك ملأ مقدماته الغزلية بوصف الظعن، وكأنه يريد بها أن يتلافي ما يفوته من وصف الحب والصبابة على نحو ما رأينا عند امرئ القيس، وفي الوقت نفسه يريد أن يدل على براعته في الوصف الدقيق؛ فهو يستقصي ويدقق، إذ ما يزال يتبع صاحبته وصواحبها وهن راحلات في نجد مع عشيرتهن من واد إلى

1 تراءى: تتبدى وتظهر. وذو ضال: موضع به الضال وهو السدر.
2 الجيد: العنق، مغزلة: الظبية التي معها غزال. أدماء: بيضاء. خاذلة: مقيمة على ولدها لا تتبع الظباء. الشادن: الذي شدن أي تحرك ولم يقو بعد. الخرق: الضعيف.
3 الكرى: النوم: اغتبقت: من الغبوق وهو شرب الليل، لما يعد أن عتقا: يريد أن الخمر معتقة ولم تفسد.
4 شج: صب. الناجود: أول ما يخرج من الخمر أو إناؤها. الشبم: الماء البارد لينة: اسم بئر. الطرق والرفق: الكدر.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست