responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 314
لو نال حَيٌّ من الدنيا بمكرُمةٍ ... أُفْقَ السماء لنالتْ كَفُّه الأفقا
وقوله:
لو كنتَ من شَيءٍ سوى بشَرٍ ... كنتَ المنوِّرَ ليلةَ البَدْرِ
فهو لا يطلق القول في مثل هذين المعنيين إطلاقًا؛ بل يجعلهما في حيز "لو" حتى يخرج من باب المبالغة الذي أوشك على الدخول فيه.
وكان يقدم لقصائده بالغزل والتشبيب، متبعًا سنة الجاهليين في الوقوف بالأطلال وذكر الديار، ونحس عنده إحساسًا واضحًا بأنه لم يكن ممن شغف الحب قلوبهم؛ فهو يتغزل كي يرضي سامعيه، لا لكي يرضي نفسه، وبعبارة أخرى هو يتغزل أخذًا بتقليد متبع، ولذلك نراه يختتم غزله أحيانًا بقوله: "فعد عما ترى" أو "دع ذا" كأنه يريد أن يكف قلبه عن مثل هذا الحب الذي لا يتلاءم مع وقاره. وقد يعلن في أول قصيدته إعلانًا أن قلبه قد انصرف عن صاحبته على شاكلة قوله:
صَحا القلبُ عن سلمى وقد كاد لا يَسْلو ... وأَقْفَرَ من سَلْمَى التعانيقُ فالثِّقْلُ1
ولعل من الطريف أن أستاذه أوس بن حجر كان يشركه في هذا الجانب؛ فهما جميعًا لا يتغزلان للغزل، وإنما يتغزلان جريًا على التقاليد. وقد يلم زهير بأثر الحب في النفس فيبدع في تصويره، وهو في هذا التصوير لا يمثل عاطفة ولا مشاعر حقيقية، وإنما يمثل قدرته الفنية كقوله في وصف دموعه:
كأنَّ عيني وقد سال السَّليلُ بهم ... وجيرةٌ ما هم لو أنهم أَمَمُ2
غَرْبٌ على بَكْرةٍ أو لؤلؤٌ قَلِقٌ ... في السِّلْك خان به رَبَّاتِه النُّظُمُ3
فهم قد ساروا سيرًا سريعًا، فأبعدوا ولو كانوا جيرة لقصدهم بالزيارة، وإن دموعه لتتساقط من عينه تساقط الماء من الغرب أو الدلو، أو تساقط اللؤلؤ من

1 التعانيق والثقل: موضعان.
2 سال السليل بهم: السليل: واد. وسال بهم: ساروا سيرًا سريعًا. وما في قوله ما هم زائدة. وأمم: قريبون يزارون.
3 الغرب: الدلو. قلق: لا يستقر لانقطاع الخيط. رباته: صواحبه. النظم: جمع نظام وهو الخيط أو السلك.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 314
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست